للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة: هناك فرقٌ بين الحديثِ عن تقارب المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعةِ، والدعوةِ إلى توحيدِها؛ إذ المذاهبُ الفقَهيةُ متقاربةٌ مِنْ حيثُ أصولُها، وأحكامُ فروعِها (١)، وليس هذا بغريبٍ؛ لأنَّ أئمةَ المذاهبِ تخرجوا في مدارس متقاربةِ الأصولِ، وقد تتلمذ بعضُهم لبعضٍ (٢).

الخامسة: ضرورةُ التفريقِ بين الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ، والدعوةِ إلى جعلِ المذاهبِ كالمذهبِ الواحدِ.

فتوحيدُ المذاهبِ صهرٌ لأقوالِ المذاهبِ في مذهب وقالبٍ واحدٍ، بحيثُ لا توجدُ المذاهبُ المعروفةُ؛ أمَّا جعلُ المذاهب كالمذهب الواحدِ، فهو بقاءٌ على المذهبية مع الأخذِ بما يرجحه الدليلُ والبرهانُ، ولو كان خارجَ المذهب، فلا يُوجَدُ حَرَجٌ عند هؤلاءِ مِن الأخذِ بمذهبٍ آخرَ شريطةَ أنْ يكون هناكَ ما يُسوّغُ الأخذَ به.

أشرتُ إلى هذا الأمرِ؛ لئلا يذهبَ ذاهبٌ إلى عدِّ مَنْ دعا إلى جعلِ المذاهب كالمذهبِ الواحدِ منْ حيثُ الإفادةُ منها مِن الداعين إلى توحيدِها (٣).

السادسة: ثمةَ فرقٌ بين الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ، والدعوةِ إلى توحيدِ الحُكمِ القضائي والإفتائي.

فمَنْ دعا إلى توحيدِ الحكمِ القضائي والإفتائي - بغضِّ النظرِ عن حُكمِ توحيدِ القول في القضاءِ والإفتاءِ - فإنَّه لا يُعدُّ مِن الداعين إلى توحيدِ


(١) انظر: نقاط الالتقاء بين المذاهب الإسلامية للدكتور وهبة الزحيلي (٤/ ١٤٩ - ١٦٨) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، والمدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ ٢٦١)، ومحاضرات في تاريخ الفقه لوهبي غاوجي (ص/ ٧١)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ ٢٤٢).
(٢) انظر: المدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ ٢٦١)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ ٢٤٢).
(٣) انظر على سبيل المثال: الفكر السامي لمحمد الحجوي (٤/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>