للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَقِيقَة لَا تتبدل أصلا، وَهِي الفوق والتحت

وَإِنَّمَا يتبدلان بتبدل جِهَة الرَّأْس وَالرجل فِي الْحَيَوَانَات، كَمَا فِي النملة والذباب وأشباههما، حَيْثُ تدب منتكسة تَحت السّقف وعَلى مقعرها

وَغير حَقِيقِيَّة وَهِي تتبدل بِالْعرضِ، وَهِي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة

والأولان جهتان وَاقِعَتَانِ بالطبع لَا يتغيران بِالْعرضِ

والجهات المتبدلة بِالْعرضِ غير متناهية لِأَن الْجِهَة طرف الامتداد، وَيُمكن أَن يفْرض فِي كل جسم امتدادات غير متناهية فَيكون كل طرف مِنْهَا جِهَة

فَالْحكم بِأَن الْجِهَات سِتّ مَشْهُور عَامي، وَلَيْسَ بِحَق عِنْد الْخَاص، فَإِن الْجِسْم يُمكن أَن يفْرض فِيهِ أبعاد ثَلَاثَة متقاطعة على زَوَايَا قَوَائِم، وَلكُل بعد مِنْهَا طرفان، فَلِكُل جسم جِهَات سِتّ فَهَذَا الِاعْتِبَار يشْتَمل على الِاعْتِبَار الْمَشْهُور مَعَ زِيَادَة هِيَ تقاطع الأبعاد على زَوَايَا قَوَائِم وَلَا شكّ أَن قيام بعض الامتدادات على بعض مِمَّا لَا يجب فِي اعْتِبَار الْجِهَات فَتكون غير متناهية، لِإِمْكَان أَن يفْرض فِي جسم وَاحِد امتدادات غير متناهية هَكَذَا حَقَّقَهُ بعض الْفُضَلَاء

الْجُنُون: هُوَ اخْتِلَاف الْقُوَّة المميزة بَين الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة، المدركة للعواقب بِأَن لَا يظْهر أَثَرهَا ويتعطل أفعالها إِمَّا بِالنُّقْصَانِ الَّذِي جبل عَلَيْهِ دماغه فِي أصل الْخلقَة، وَإِمَّا بِخُرُوج مزاج الدِّمَاغ عَن الِاعْتِدَال بِسَبَب خلط أَو آفَة، وَإِمَّا لاستيلاء الشَّيْطَان عَلَيْهِ وإلقاء الخيالات الْفَاسِدَة إِلَيْهِ، بِحَيْثُ يفزع من غير مَا يصلح سَببا

والسفه: الخفة، والحلم يُقَابله

وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: عبارَة عَن التَّصَرُّف فِي المَال بِخِلَاف مُقْتَضى الشَّرْع وَالْعقل بالتبذير فِيهِ والإسراف مَعَ قيام خفَّة الْعقل فَلَا يدْفع إِلَيْهِ مَاله قبل الْبلُوغ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} إِلَى آخِره وَأما عدم الدّفع إِلَيْهِ بعد الْبلُوغ قبل الإيناس فَلَا دلَالَة عَلَيْهِ فِي هَذِه الْآيَة

أما منطوقا فَظَاهر، وَأما مفهوما فَلِأَن مَفْهُوم قَوْله: {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} عدم الدّفع على الْفَوْر، لَا عدم الدّفع مُطلقًا قَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا زَادَت على سنّ الْبلُوغ سبع سِنِين وَهِي مُدَّة مُعْتَبرَة فِي تغير الْأَحْوَال، إِذْ الطِّفْل يُمَيّز بعْدهَا وَيُؤمر بِالْعبَادَة تدفع إِلَيْهِ المَال، وَإِن لم يؤنس مِنْهُ الرشد فسن الرشد عِنْد الإِمَام هُوَ أَن يبلغ سنّ الجدية، وَهُوَ خمس وَعِشْرُونَ سنة، فَإِن أقل مُدَّة الْبلُوغ اثْنَتَا عشرَة سنة، وَأَقل مُدَّة الْحمل نصف سنة، فَأَقل مَا يُمكن أَن يصير الْمَرْء فِيهِ جدا ذَلِك

وَعند الْإِمَامَيْنِ إِلَى الرشد، وَهُوَ الصّلاح فِي الْعقل وَالْحِفْظ وَالْمَال

والعته: آفَة توجب خللا فِي الْعقل، فَيصير صَاحبه مختلط الْكَلَام يشبه بعض كَلَامه بِكَلَام الْعُقَلَاء وَبَعضه بِكَلَام المجانين وَكَذَا سَائِر أُمُوره؛ فَكَمَا أَن الْجُنُون يشبه أول أَحْوَال الصَّبِي فِي عدم الْعقل يشبه العته أَحْوَال اصبي فِي وجود أصل الْعقل مَعَ تمكن خلل فِيهِ

وَقيل: الْعَاقِل من يَسْتَقِيم حَاله وَكَلَامه غَالِبا وَلَا يكون غَيره إِلَّا نَادرا، وَالْمَجْنُون ضِدّه

وَالْمَعْتُوه: من يخْتَلط حَاله وَكَلَامه فَيكون هَذَا غَالِبا

<<  <   >  >>