للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن لوجد العقل صعوبة كبيرة في أداء وظيفته. أما البهائم تلك التي تتبع في هذا الشأن قوانين قلما يكون لقوة اختيارها دخل فيها - هذه البهائم لها أوقات مضروبة. ولا يبعد أن عدم قضاء الشهوة في هذه الأوقات يكون مؤلماً جداً إذ كان مانعاً لأمر لابد منه وليس يتم في غير هذا الأوان.

الفصل العاشر

الكلام على الجمال

إن الوجدان المرتبط بأمر التناسل من حيث كونه تناسلاً لا غير إنما هو الغلمة أو الشبق. وهذا واضح في شأن البهائم التي ترى الوجدانات فيها أبسط كياناً منها في الآدميين وأقل اختلاطاً. والتي تراها أقصد طريقاً منا إلى أغراضها وأقرب سبيلاً. فهي لا تراعي في أمر تزاوجها إلا مسالة التذكير والتأنيث على أنا لا ننكر انحياز كل فرد إلى قبيلة وجنسه مؤثراًَ ذلك على سائر الأجناس والقبائل. ولكن هذا الايثار لا يرجع فيما أحسب إلى جمال يراه الحيوان خاصاً بفصيلته ونوعه كما زعم الكاتب أديسون بل إلى قانون طبيعي تخضع له البهائم. وهذا ظاهر مما هو مشاهد فيها من قلة اختيارها وتمييزها بين أفراد قبيلتها التي قصرتها عليها حدود الجنسية. أما الإنسان ذلك الذي ركب في غريزته الاستعداد لتنوع العلاقات وتعدد الصلات فقد أبى إلا أن يضيف إلى شبق البهائم رغبة في بعض الصفات الاجتماعية التي من شأنها أن تشحذ الشهوة المشترك فيها مع الحيوان. ولما كان ليس كالحيوان يغشي أية أنثى صادف وجب أن يكون هناك شيء يدعوه إلى التخير والانتخاب، وأن يكون هذا الشيء صفة محسة إذ ليس غير هذه له مثل كفايتها وسرعتها وقوتها في إحداث باعث التخير. هذه الصفة المحسة هي جمال الأنثى. فالذكران مسوقون إلى الإناث بوجه عام لمجرد كونهن إناثاً وبقوة قانون الطبيعة المشترك. ولكنهم بوجه خاص متعلقون بالأفراد بتأثير الجمال الشخصي. وإني اسمي الجمال صفة اجتماعية وذلك لأن من كان من النساء والرجال بل من الحيوان (وكثيرهن) يلذنا ويفرحنا بمنظره فذلك لاشك يبعث في قلوبنا الحنان والحب لشخصه. حتى ترانا نهوى قربه ونرتاح إلى الاتصال به إلا أن يكون تمت مانع. وإني بعد لا أدري ما الحكمة في حدوث ذلك بين الإنسان وجميل الحيوان ولا ما القصد والغاية. لأني لا أرى لاتصال المرء بالحيوان المليح الأنيق الوشي والحلة من