للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التصوير المضحك]

والنقد العجيب

توماس كارلايل من كتاب انجلترا المعدودين، وأعلام فلاسفتهم المخلدين، كاتب غريب الأسلوب يهز الفؤاد هزاً وينقل روح القارئ من عالم الأرض إلى عالم السماء، وهو فيلسوف ولوع بالعظمة، مفتون بالمثل الأعلى يحزنه أن يسف إلى الأرض ولا يرضيه أن يعيش إلا عيش الملائكة ولعل كتابه الأبطال والبطولة أول كتاب في نوعه، وأحر مؤلف أسلوباً وفلسفة وخواطر.

على أن كارلايل كان لا يزال غريب الأطوار، متقلب الخلق، لا يرضيه أحد من الناس، ولا يعترف بوجود أحد، ولم يفلت كاتب ولا شاعر من شعراء زمنه وكتاب جيله، ولم ينج الكتاب الذين سبقوه، من سخريته ونقده والتهاتف به، وقد جمع الناس بعده الآراء التي أدلى بها عن كثيرين من الكتاب والشعراء، وطائفة من الصور المضحكة التي اخترعها عنهم، فلم يجرأ أحد أن يرمي الرجل بالجنة ويقرفه بالتحامل ويتهمه بالسخف، بل احترم الناس منه آراءه وإن كان بعضها باطلاً، والآخر مغالى فيه.

ونحن نقتطف للقراء جملة من هذه الصور تفكهة لهم وترويجاً:

قال عن الشاعر بيرون وهو ومكانه في طليعة شعراء الأرض - بيرون ولد رقيع اتخذ الحزن عياقة والهموم زياً من الأزياء المستحدثة.

وعن توماس مور - وهو من كبراء الشعراء - تفاهة شهوانية ذات اسم عظيم وقال عن استوارت ميل، صاحب كتاب الحرية - أقرب شبه رأيته للرجل الحقيقي.

وعن الشاعر ورد سورز - نوع غريب من الإنسان، ولكنه في جوهره ومظهره إنسان صغير، وقال عنه بعد سنين عدة، وقد بلغ الشاعر عهد الشيخوخة، رجل عجوز غلباوي بريالة، وقال عنه كذلك. . . عود صديء قديم يلزمه وتران أو عدة أوتار حتى يستطيع الإنسان أن يسمع نغمه!

سدني سمث - رجل من الشحم والعضل لا غير، ويظهر أن ليس فيه روح قط.

الشاعر كولريدج - نفس يائسة لا أمل لها، ولا شغل لها إلا الوعظ.

وعلى ذكر ذلك - سأل كولريدج الكاتب شارلز لام هل سمعتني يوماً أعظ، فأجاب لام، لم