للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أشد. وقامت الفلاقل. وارتفعت الهزاهز والفتن. في كثير من القرى الصربية في بوسنة والهرسك وقتل من الصرب وجرح خلق كثير في سراجيفو وموسطار وغيرهما وسطا المتظاهرون على الحوانيت التي يملكها التجار الصربيون على أن الحكومة الصربية نفسها احتجت احتجاجاً رسمياً على هذه المظاهرات وأعلنت استياءها وانكارها لجناية كابرينوفتش وجريمة برنزيب.

والذي يزيد الأسى على الأرشيدوق القتيل هو أنه مات في الحول الخمسين من عمره دون أن يتولى العرش. ويعتلي الأريكة. وقد نضج في العشر السنين الأخيرة. وتجلت مواهبه وظهرت كفاءته وذكاءه. ونحن. وإن كنا لا نستطيع أن نعرف ماذا كانت تكون خططه. لو كان وثب إلى العرش. نتابع آراء أهل السياسة والنظر ونرى فيه كما رأوا رجلاً ذا شخصية قوية وإرادة. وفكرة عالية في حكم إمبراطوريته. ولم يكن يعرف أحد من الناس خطة الأرشيدوق السياسية. إذا كان الأرشيدوق سراً مغلقاً ولغزاً معمي كان يفكر في صمت ويعيش في سكون ويمضي في خفاء. وكان ذهنه يسير إلى الرقي والتطور. سيراً حثيثاً في كل يوم.

ولما نعي النعاة للإمبراطور فرانسوا جوزيف ولي عهده. وهو في أحد بلاد الريف يصطاف معتزلاً ضوضاء العاصمة وجوها المعتكر كعادته في صيف كل عام. وقع منه النعي كما تقع الصاعقة واندفع في بكاه ودموعه. وهو يصيح: يا للهول. يا للهول. لم يتركوا لي شيئاً بعد في هذا العالم!.

وغادر الإمبراطور المحزون. مصطافه في صباح اليوم التالي عائداً إلى العاصمة. وكان ينتظره في المحطة فتاه ولي العهد الجديد. وكا هذا موجعاً لوفاة الأرشيدوق حزيناً لمصاب الإمبراطور يري الناظر إلى وجهه ساعة استقبال الإمبراطور. بقية دمع في محجريه فلما نزل من القطار. اعتد على ذراع الفتى. ومشى حتى بلغ المركبة. وكانت الجماهير تهتف له في الطريق وتضج بالتحية وإظهار عواطفهم نحوه وإخلاصهم إليه.

وأعجب ما في أمر هذا الشيخ. أنه ينعم الآن. وكان من قبل على حافة القبر. بصحة جيدة وحال طيبة. وتلك لعمري من معجزات القدر. وعجائبها القضاء.

قيمة الإعلانات