للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في قصر الشتاء، وحوول مرات كثيرة نسف القطار المقل أسرة القيصر وهو في طريقه إلى العاصمة، ووضعت مفرقعات من الديناميت في القصر فقتل عشرة من خدمه ولم يصب أحد من الأسرة بسوء لأنهم تأخروا يومذاك عن حضور المائدة، دع غير ذلك من الحوادث التي عجز الجواسيس عن الاهتداء إلى الفاعلين.

ولما رأى الإسكندر الثاني عجز شرطته وضع نظاماً جديداً ودفع به إلى الكونت لوريس ميليكوف فكاد يذهب في جريرته قتيلاً ولم يكن من ذلك إلا أن تمخض عن مؤامرة جديدة لإهلاك القيصر، وذلك أنه في مارس عام ١٨٨١ والإسكندر في مركبته إذ رمى بقنبلة مدمرة كانت فيها منونه، فلم تكد المركبة تبلغ القصر حتى فاضت روح صاحبه.

وكان من هذه الوقائع المتتابعة أن ظهر فساد ذلك الرأي القائل بقتل الفوضى بالعطف والملاينة والمسالمة، ولذلك صرح اسكندر الثالث بأنه لا يريد أن يضع حداً لسلطة حكومته، فعادا يتآمرون على قتله وهو في مركبته، ولكن قبض على الجانين قبل محاولتهم فعلتهم، ولكن رجعت نهضتهم إلى الانتعاش إذ وقع في سنة ١٩٠١ اضطراب كبير بين طلبة الجامعات الروسية ثم بين الفلاحين في أشهر بلدان الإمبراطورية.

ولم تخف حدة الفوضويين ولم تهدأ ثائرتهم إلا بدخول مبادئ الحكومة البرلمانية في روسيا.

على أن ليس كل المجرمين السياسيين فوضويين في صميم أرواحهم، ولا عدميين في قرائر نفوسهم، بل فيهم العدد العديد من الذين اندسوا في أهل المذهب وهم لا يشعرون له بشيء من التقدير أو الاستحسان أو الإخلاص، من كل مسموم العاطفة يحقد على الملك لنكبة نكبته لم تقع من يد الملك، وإنما سقطت من يد القدر، وآخر لظلامه ظن أن حقاً له قد هضمته الحكومة، وما هضمته إلا معدة الطبيعة، أو مغمور أولع بالنباهة وأولعت بهجره. فتثور في أنحاء روحه عاصفة هوجاء تزعزع عروش الحكام وتتزاور عن مواطن المحكومين، كالزوبعة القاصفة الهزجة تهشم أعالي السرح، وتعجز عما دونها، هؤلاء يسيئون إلى المذهب أكثر مما يسيئون إلى المجتمع، لأن للجمعيات البشرية مدخراً واسعاً من الملوك والأمراء، ينفد هؤلاء الممرورون قبل أن ينفذ جمعهم.

منذ بدأ القرن العشرين أي منذ عام ١٩٠١ هل تعلم كم ضحايا هذه الفوضى الكاذبة؟ ثمانية عشر من الملوك والحكام وكبار رجال الأمم، نذكر من هؤلاء الملك همبرت والد ملك