للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التعبير وشرف الخيال ما يزرى بشكسبير وابن الرومي والمتنبي والقبل شتى المعاني فإن للحب قبلة وللشهوة قبلة وللحسد والحقد قبلة وللإشفاق والرحمة قبلة وللحزن قبلة وللذل قبلة وللجبن قبلة فغلام يقبل أمه وعاشق يقبل عشيقته وماجن يقبل هلوكا وامرأة تقبل ضرتها وشريكتها في بعلها وأخت تقبل أختاً لها قد أضر بها الحب وزوج يقبل قبر زوجته وذليل يقبل يد السلطان أو قدمه أو التراب الذي تحتها وجبان يقبل أرض ضريح ولي من الأولياء.

إذا رأيت امرأة تقبل امرأة أخرى فاعلم أنها تحبها حباً صادقاً أو أنها تكرها كرهاً شديداً ولكن من النساء من تقبل صاحباتها إذا علمت أنهن يعرفن سراً من أسرارها والتقبيل هو لغة النساء فكأنها تقول لهن في تلك القبل يا صاحباتي لقد علمتن أني أحب فلاناً والقبل إشارة لا يعرف سرها مثل النساء كما لا يعرف سر إشارة الماسونية مثل الماسونيين.

ضمائر الشعراء

والشجاعة الشعرية

إن للشعر رجولة تبعث في قلب المرء خشوعاً مثل خشوع يبعثه صوت العاصفة في صدر السامع. وقد قدم المتنبي على أبي تمام والبحتري وابن الرومي أن نصيب شعره من تلك الرجولة أكبر من نصيب أشعارهم ولولا أن ابن الرومي يفيض المعني الواحد من معانيه على أبيات كثيرة فيودع كل بيت جزأ من المعنى ولولا أن أبا تمام يتكلف الخيال السقيم كثيراً ولولا أن البحتري يعيد معانيه كثيراً لكان شعرهم أعظم وقعاً منه الآن وقد اسعد المتنبي ذلك الإباء الذي جعله يعيش شقياً ويموت شقياً وإذا أردت أن تعرف لم يجري شعر المتنبي مجرى المثل فالتمس سبب ذلك في الآباء الذي أشعل كلماته وأنار معانيه أما مناقضة نفسه في مدح كافور ثم ذمه فهي ليست مما ينافي الآباء وكافور كان ملوماً في مداجاته وهذه المناقضة شيء ضئيل بجانب ذلك النفاق الذي جعل البحتري يمدح المتوكل ثم يرثيه ثم يمدح قاتله والآمر بقتله والذي جعله يمدح المستعين ثم يهجوه أشد الهجاء بعد نكبته وكيف يكون نصيب شعراء اليوم من رجولة الشعر كبيرا وهم يكلفون أنفسهم الكتابة في موضوعات لم تتهيأ أنفسهم للكتابة فيها ولم يجدوا في قلوبهم دافعاً إليها. إن رجولة الشعر في صدق سريرة الشاعر وإحساسه بصدق ما يقول هناك فئة من الشعراء يعوقها فقد