للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما طفر في حيزوم الجبان فؤاده

فكأنها والماء ينطح صدرها ... والخيزرانة في يد الملاح

جون من العقبان ببتدر الدجى ... يهوى بصوت واصطفاق جناح

فصرخت صرخة خائب حنق ورحت أقبل على الرمل وأدبر كالذي خولط في لبه والتفت الروسي فرآني على هذه الحال فقام فحيّاني بأطراف بنانه تحية والله ما شفّت عن شماتة ولا سخرية ولكنها عنوان قلب ضمّن الإخلاص وطوى على الإجلال والشكر. ثم اطمأن في مجلسه وحث أجنحة القارب فطار بأشباه الأربع الرياح حتى قبضته المسافة وقد توارت الشمس بالحجاب ومد الشفق بنانة مخضوبة توميء إلى حيث خبأت يد الطفل لؤلؤة النهار.

ومالي أجول في أنحاء تلك الرملة وأدور. وما لصدري يجيش بنار الكرب ويفوز. أمن شغف بالفتاة فعلت ذاك؟ كلا! وليس مثلي من أضناه حب الحسان. وأبلاه صد الغوان.

ولم يلهني دار ولا رسم منزل ... ولم يتطربني بنان مخضب

ولا أنا ممن يزجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب

ولا السانحات البارحات عشية ... أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب

كلا والله لم تكن المصيبة في معشوقة لي ولا وقع السهم في كبدي وإنما كانت في عرضي وثلمت جانب شرفي ومجدي. وطامنت عنقي وذلّلت أنفي. وكلما ذكرت أني عييت بحفظ جارتي من العدو الموائب. وعرضتها للطواريء والنوائب. عيل صبري وراح عرض اليمّ أضيق في عيني من كفة حابل.

وهبّ من جانب البحر تلك الليلة ريح هوجاء فأرغت الأمواج بالشاطيء وجرجرت كأنما تود لو انتسفته فعادت به إلى العباب فكان ثمت ملاءمة بين فوران اليم وفوران صدري وبين غليان الماء وغليان ذهني وأبليت شباب الليل جيئة وذهاباً بين هجمات طلائع الأمواج. وحذار الصواعق من متأجج الجنبات وهّاج

وسماء عليَّ أوكفت القط ... وأطارت كراي بالأرزام

وعصفات زعزع نكباء تعتسف دوّ الفضاء. ونمزق جلدة الماء. وتكاد تختطف الرداء.

وركب كأن الريح تطلب عندهم ... لها ترة من جذبها بالمصائب

أقول وأبليت بين هذه الأهوال شباب الليل حتى شابت ذوائب الظلماء. وجرّد الفلق على