للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الأحاديث الكثيرة الصحيحة عن جماعة من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه.

وأما قوله: "إن حضر الوقعة بها ولو قاتل راجلا" فوجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لكل فارس وفرسه ثلاثة أسهم ولم يسأل هل قاتل عليها أم لا وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم.

وأما قوله: "ومن مات" إلخ فلا حاجة إلى ذكره لأن ما صار إلى الميت يورث عنه من غير فرق بين الغنائم وغيرها.

قوله: "ويرضخ وجوبا لمن حضر من غيرهم".

أقول: لا دليل على مشروعية هذا الرضخ إلا ما تقدم في النساء والصبيان والعبيد وأما ممن عداهم فيجوز للإمام أن يخصص بعض من له قدم في الإسلام بشيء من الغنيمة كما في حديث أبي موسى المتقدم قريبا وأما ما يروى بلفظ: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" فلم يصح رفعه فلا تقوم به حجة.

والحاصل أن الغنيمة قد صارت مستحقة للغانمين فإيجاب شيء فيها لغيرهم بل ندبه يحتاج إلى دليل بل لا يجوز أن يقال إن الرضح مباح لأنه تصرف في ملك الغير بغير أمره ولايجوز قياس غير النبي صلى الله عليه وسلم عليه لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

قوله: "ولا يطهر باستيلاء إلا ما ينجس بتذكيتهم أو رطوبتهم".

أقول: وجه هذا ما أخرجه احمد وأبود اود من حديث جابر بن عبد الله قال كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها ولايعيب ذلك عليهم فالمصنف رحمه الله لما اعتقد نجاسة رطوبة الكفار ووقف على مثل هذا الحديث ظن أن الاستيلاء بمجرده يوجب الطهارة وليس الأمر كذلك وقد تقدم أنه لا وجه للقول بنجاسة الرطوبة وكذلك ما ينجس بالتذكية لا نفس المذكي فقد تقدم الكلام عليه في الذبائح.

فإن قلت: حديث أبي ثعلبة الثابت في الصحيحين [البخاري "٥٤٩٦"، مسلم "١٩٣٠"، وغيرهما قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل من آنيتهم؟ قال: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها"، يدل على وجوب غسلها قلت قد ثبت في رواية أحمد وأبي داود أنه قال في السؤال وأنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فالأمر بالغسل هو لهذا لا لمجرد الرطوبة وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ في مزادة مشركة [البخاري "١/٤٤٧، ٤٤٨"، مسلم "٦٨٢"، كما تقدم وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر وأجاب دعوة يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة [مسلم "٨/١٦٤١"] .

قوله: "ومن وجد ما كان له" الخ.

أقول: لم يثبت ما يدل على أنه يخرج من ملكه حتى يقال هو أولى به قبل القسمة وبعدها بالقيمة بل هو باق على ملك مالكه وأخذه منه على غير ما أذن به الشرع لا يترتب عليه حكم الملك أصلا فيأخذه قبل القسمة وبعدها ولا يلزمه شيء ويرجع من قد صار في نصيبه

<<  <   >  >>