للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مخاطبا بالشرعيات فذلك باعتبار إثمه على تركها وأما صحتها منه في حال كفره فلا لأن الإسلام شرط.

وأما قوله: "ولو ارتد" فوجهه ما تقدم من أن المرتد لا يسترق بل يطالب بالإسلام فإن فعل وإلا قتل.

قوله: "ولا قصاص فيها مطلقا".

أقول: هذا لا وجه له لا من كتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا إجماع فإن أحكام الشرع لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية أو لبعضها فما أوجبه الله على المسلمين من القصاص ثابت في دار الحرب كما هو ثابت في غيرها مهما وجدنا إلى ذلك سبيلا ولا فرق بين القصاص وثبوت الأرش إلا مجرد الخيال المبني على الهباء فإن كل واحد منهما حق لآدمي محض يجب الحكم له به على خصمه وهو مفوض إلى اختياره وغاية ما ثبت في هذا ما وقع منه صلى الله عليه وسلم من وضع الدماء التي وقعت في أيام الجاهلية وليس في هذا تعرض لدماء المسلمين فهي على ما ورد فيها من أحكام الإسلام ولا يرفع شيئا من هذه الأحكام إلا دليل يصلح للنقل وإلا وجب البقاء على الثابت في الشرع من لزوم القصاص ولزوم الأرش.

قوله: "وأمانهم لمسلم أمان لهم منه".

أقول: لا ملازمة بين الأمانين لا شرعا ولا عقلا ولا عادة فيجوز للمسلم الداخل دارالحرب بأمان أهلها أن يأخذ ما قدر عليه من أموالهم ويسفك ما تمكن منه من دمائهم فلا يتم قوله فلا يغنم عليهم ولا قوله ويرد ما اشتراه ممن غنمه بعد الأمان.

وأما قوله: "ولا يف بمحظور" إلخ فوجهه ظاهر لأن هذا الأمان هو في حكم المصالحة في قدر موته ولا يجوز الدخول في الصلح الذي يحل حراما أو يحرم حلالا كما ورد بذلك الدليل الصحيح وأيضا المحظور محظور بحكم الشرع فيكف يجوز شرطه للكفار فضلا عن إن يجوز الوفاء به لهم.

وأما قوله: "وله استرجاع العبد الآبق" فقد قدمنا أنه يجوز له أن يأخذ من أموالهم ما قدر عليه فجواز أخذ عبد المسلم الذي أبق منه ثابت بفحوى الخطاب.

وأما قوله: "ولغير المستأمن ما فظر به" فقد أغنى عنه ما تقدم من أنه يغنم من الكفار نفوسهم وأموالهم وما تقدم في أول هذا الفصل من قوله ودار الحرب دار إباحة.

وأما قوله: "ولا خمس عليه" فلا يخفاك أنه إذا صدق على ما أخذه أنه غنيمة فقد دخل تحت قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] ، فلا بد من دليل يخصص هذه الصورة ولا دليل.

<<  <   >  >>