للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: "والسلاح يدفن أو يكسر" فإذا تعذر حمله عن بلاد العدو كان على الإمام أن يأمر المسلمين بإتلافه ونحوه من آلات الحرب بأي سبب من الأسباب المقتضية للتلف.

قوله: "ويملكون علينا ما لم ندخل دارهم قهرا".

أقول: التعرض لمثل هذا من فضول العلم التي لا تدعو إليها حاجة فإن كون الكافر يملك ما أخذه على المسلم ويخرج بذلك عن ملك المسلم لم يرد في كتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا إجماع وإنما قال ما لم يدخل دارهم لأنه سيأتي أن دار الحرب دار إباحة فعلى هذا أنهم لا يملكون علينا إلا ما أخذوه ولم يجوزوه إلى دار الحرب وهذا من عجائب الأحكام وغرائب التفريع.

وأما الاستدلال بما روى من قوله صلى الله عليه وسلم: "هل ترك لنا عقيل من رباع؟ " فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بأنه قد ملكها وغاية ما هنالك أنه صلى الله عليه وسلم ترك المطالبة للمشتري لها من عقيل ولا سيما وقد صاروا مسلمين عند أن قال صلى الله عليه وسلم هذه المقالة.

وأما قوله: "ولا البغاة وغير ذي الشوكة" فظاهر ويجب أن يجعل الكفار وأرباب الشوكة مثل هؤلاء لا يملكون علينا.

[فصل

ودار الحرب دار إباحة يملك كل فيها ما ثبتت يده عليه ولنا شراؤه ولو والدا من ولد إلا حرا قد أسلم ولو ارتد ولا قصاص فيها مطلقا ولا تأرش إلا بين المسلمين وأمانهم لمسلم أمان لهم منه فلا يغنم عليهم ويرد ما اشتراه ممن غنمه بعد الأمان ولا يف بمحظور شرطه من لبث أو غيره وله استرجاع العبد الآبق ولغير المستأمن أخذ ما ظفر به ولا خمس عليه] .

قوله: "فصل ودار الحرب دار إباحة" الخ.

أقول: وجه هذا أن الله سبحانه أمرنا بقتال أهل الشرك وأباح لنا دماءهم وأموالهم ونساءهم فكانوا من هذه الحيثية على أصل الإباحة سواء وجدناهم في دارهم أو في غير دارهم وينبغي تقييد هذا الإطلاق بأن المسلم وماله إذا كان فيهما فعصمة دمه وماله باقية لا يجوز لأحد من المسلمين أن يخالف تلك العصمة لأن كون دار الحرب دار إباحة هي من تلك الحيثية التي ذكرناها لا مطلقا وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله: "إلا حرا قد أسلم".

وأما جواز شراء ما أخذ من دار الحرب ممن هو في يده فذلك ظاهر لأن الآخذ له قد ملكه فإن كان الآخذ مسلما لم يصح قوله ولو والدا من ولد لأن المسلم مخاطب بأحكام الإسلام ومن جملتها عتق رحمه عليه وإن كان كافرا فلا بأس بشراء رحمه منه لأنه وإن كان

<<  <   >  >>