للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أمر بشد وثاقه، ودفع به إلى أحد أفراد السرية١، وقال له: "امكث معه حتى نمرَّ عليك، فإن نازعك فاحتز رأسه"٢.

ثم انطلقوا في طريقهم حتى وصلوا منطقة الكديد عند غروب الشمس، فكمنوا في الوادي، ثم أرسلوا جندب بن مكيث الجهني رضي الله عنه٣ أحد أفراد السرية للاستطلاع، واستكشاف أحوال القوم.

يقول جندب رضي الله عنه: "فخرجت حتى آتي تلاًّ مشرفا على الحاضر٤، فأسندت فيه، فعلوت على رأسه، فنظرت إلى الحاضر، فوالله إني لمنبطح على التل إذ خرج رجل منهم من خبائه، فقال لامرأته: إني لأرى على التل سوادًا ما رأيته في أول يومي، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئا، لا تكون الكلاب جرَّت بعضها، قال: فنظر، فقلت: لا والله ما أفقد شيئا، قال: فناوليني قوسي وسهمين، فناولته، قال: فأرسل سهما، فوالله ما أخطأ جنبي٥ فأنزعه فأضعه، وثبتُّ مكاني، قال: ثم أرسل الآخر، فوضعه


١ اختلف أهل المغازي فيه، ففي روايات ابن إسحاق أنه رجل أسود. انظر البنا، الفتح (٢١/١٢٩) ، الطبراني، المعجم (٢/١٧٨) ، وابن هشام، سيرة (٢/٦٢٠) ، وابن سعد، طبقات (٢/١٢٤) ، والبيهقي، دلائل (٤/٢٩٨) ، وابن كثير، بداية (٣/٢٢٣) .
أما الواقدي فذكر أنه يقال له: سويد بن صخر. الواقدي، مغازي (٢/٧٥١) .
٢ وقع ذلك في رواية ابن إسحاق عند أحمد. البنا، الفتح (٢١/١٢٩) ، وعند الطبراني، المعجم (٢/١٧٨) .
٣ هو: جندب بن مكيث الجهني، أخو رافع بن مكيث، يعد في أهل المدينة، روى عنه مسلم بن عبد الله بن حبيب، وله ولأخيه صحبة ورواية. الاستيعاب، هامش الإصابة (١/٢١٨) .
٤ الحاضر: القوم النزول على ماء يقيمون به، ولا يرحلون عنه. ويقال للمناهل المحاضر، للاجتماع والحضور عليها. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضر اسما للمكان المحضور. يقال: نزلنا حاضر بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول، ابن الأثير نهاية –باب الحاء مع الضاد.
٥ قال الصالحي في سياق روايته: ولفظ ابن إسحاق، وابن سعد (بين عيني) . الصالحي، سبل (٦/٢١٧) .
قلت: لفظ (بين عيني) تفرد به ابن سعد، أما لفظ ابن إسحاق في رواية البكائي والطبراني، وأحمد (جنبي) ، وفي رواية ابن بكير عند البيهقي على الشك (فوضعه في حبيني، أو قال: في جنبي) فلعل كلمة (جنبي) تصحيف (جبيني) خاصة وأن رواية ابن سعد قد فسرته.. والله أعلم..
انظر ابن سعد، طبقات (٢/١٢٤) ، وابن هشام، سيرة (٤/٦١٠) ، والطبراني، المعجم (٢/١٧٩) ، والبنا، الفتح الرباني (٢١/١٢٩) .

<<  <   >  >>