للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت مهمتها بناء على الأوامر الصادرة لهم من القيادة العليا هي مباغتة بني الملوح بشنِّ غارة مفاجئة ومركَّزة عليهم١.

خرجت السرية ميممة شطر الهدف٢ وفي منطقة قديد٣ أثناء مسيرهم الاقترابي التقوا برجل من قبيلة ليث يدعى الحارث بن البرصاء الليثي، فألقوا القبض عليه فقال محتجًّا: "إنما جئت أريد الإسلام، ما خرجت إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم"٤.

فرد عليه القائد: "إن كنت إنما جئت مسلمًا فلن يضرك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك فسنوثق منك"٥.


=وقال البكري: موضع بين مكة والمدينة بين منزلتي أمج وعسفان، وهو ماء عين جارية عليها نخل كثير لابن محرز المكي (معجم ما استعجم –كتاب الكاف والدال) .
وقال الحموي: هو موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة (الحموي: معجم البلدان –باب الكاف والدال وما يليهما) .
قال البلادي: والكديد يعرف اليوم باسم (الحمض) أرض بين عسفان وخليص على (٩٠) ميلا من مكة على الجادة العظمى إلى المدينة، وسمي الحمض لكثرة نبات العصلاء فيها، وهي أرض تزرع عثريًّا يسقيها وادي غران، وأهلها زبيد من حرب. البلادي، معجم (٢٦٣) .
١ كانت تلك هي الاستراتيجية التي اتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته، وسراياه ضد الأعراب، استطاع من خلالها تحقيق النصر عليهم، وذلك يدل على ذكائه وشدة معرفته بأحوال الأعراب ونفسياتهم، فهم أشداء إذا استعدوا للقتال، وتأهبوا للدفاع عن أنفسهم، أما بمباغتتهم فتسهل السيطرة عليهم وإرعابهم.
٢ اختلف أهل المغازي في تاريخ خروج هذه السرية، وقد ذكر ابن عبد البر فيما نقله عن ابن حجر كلاما يوحي بإجماع أهل السير على وقوعها في سنة خمس من الهجرة. انظر الإصابة (٣/١٨٤) .
ولكن بالرجوع إلى روايات أهل المغازي التي بين أيدينا لم أجد أحدا منهم ذكرها في حوادث السنة الخامسة سوى ابن خياط الذي ذكرها في سرايا السنة الخامسة، علما بأنه ساق روايته بسنده عن ابن إسحاق، والذي لم يحدد لها تاريخا في رواياته الأخرى. ابن خياط، تاريخ (٨٧) .
أما الواقدي وتلميذه ابن سعد ومن تابعهما فقد أرَّخا لها في السنة الثامنة في شهر صفر منها. الواقدي، مغازي (٢/٧٥٠) ، وابن سعد، طبقات (٢/١٢٤) .
٣ قديد: ثرية جامعة، مذكورة في رسم الفرع، وفي رسم العقيق، وهي كثيرة المياه والبساتين، وسميت قديدا لتقدد السيول بها، وهو واد فحل من أودية الحجاز التهامية يأخذ أعلى مساقط مياهه من حرة "ذرة" فيسمى أعلاه ستارة، وأسفله قديدا، يقطعه الطريق من مكة إلى المدينة على نحو من (١٢٠) كيلوا مترا ثم يصب في البحر عند القضيمة، فيه عيون، وقرى كثيرة لحرب وبني سليم. انظر البكري، معجم (٣/١٠٥٤) ، والبلادي، معجم (٢٤٩) .
٤ من رواية ابن إسحاق عند ابن هشام، سيرة (٢/٦١٠) ، وعند ابن سعد، طبقات (٢/١٢٤) .
٥ من رواية ابن إسحاق عند أحمد. انظر البنا، الفتح (٢١/١٢٩) وعند الطبراني، المعجم (٢/١٢٨) .

<<  <   >  >>