للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له فيه نظير، وأما معرفته بالملل والنحل، والأصول والكلام، فلا أعلم له فيه نظيرا ويدري جملة صالحة من اللغة، وعربيته قوية جدا، ومعرفته بالتاريخ والسير فعجب عجيب، وأما شجاعته وجهاده وإقدامه، فأمر يتجاوز الوصف، ويفوق النعت، وهو أحد الأجواد الأسخياء الذين يضرب بهم المثل، وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل والملبس. انتهى.

وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي مرة أخرى في ترجمة الشيخ تقي الدين ابن تيمية: وله باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين، وقل أن يتكلم في مسألة إلا ويذكر فيها مذاهب الأربعة، وقد خالف الأربعة في مسائل معروفة، وصنف فيها، واحتج لها بالكتاب والسنة، ولما كان معتقلا بالإسكندرية التمس منه صاحب سبتة أن يجيز له مروياته، وينص على أسماء جملة منها، فكتب في عشر ورقات جملة من ذلك بأسانيدها من حفظه، بحيث يعجز أن يعمل بعضه أكبر محدث يكون، وله الآن عدة سنين لا يفتي بمذهب معين، بل بما قام الدليل عليه عنده، ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لها ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قياما لا مزيد عليه، وبدعوه وناظروه وكاتبوه وهو ثابت، لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المر الذي أداه إليه اجتهاده وحدة ذهنه، وسعة دائرته في السنن والأقوال مع ما اشتهر منه من الورع وكمال الفكر وسعة الإدراك، والخوف من الله العظيم، والتعظيم لحرمات الله فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة فينجيه الله تعالى، فإنه دائم الابتهال كثير الاستغاثة، قوي التوكل ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يدبجها بكيفية وجمعية، وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء وسائر العامة تحبه، لأنه منتصب لنفعهم ليلا

<<  <   >  >>