للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونهارا بلسانه وقلمه.

وأما شجاعته فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه أكابر الأبطال، فلقد أقامه الله في نوبة غازان والتقى أعباء الأمر بنفسه، وقام وقعد وطلع وخرج، واجتمع بالملك مرتين وبخطلوشاه، وببولاي، وكان قبجق يتعجب من إقدامه وجراءته على المغول، وله حدة قوية تعتريه في البحث حتى كأنه ليث حرب، وهو أكبر من أن ينبه على نعوته، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت: أني ما رأيت بعيني مثله، ولا والله ما رأى هو مثل نفسه في العلم.

٤- ابن دقيق العيد

ومنهم الشيخ العلامة الإمام أحد شيوخ الإسلام، قاضي قضاة المسلمين، تقي الدين عمدة الفقهاء والمحدثين، أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري المنفلوطي المالكي الشافعي ابن دقيق العيد١

كان إماما حافظا فقيها ذا تحرير، مالكيا شافعيا ليس له نظير، وكان يفتي بالمذهبين ويدرس فيهما بمدرسة الفاضل على الشرطين، وله اليد الطولى في معرفة الأصلين، ومن مؤلفاته كتاب "الإلمام في الأحكام" وكتاب "الأربعين في الرواية عن رب العالمين".

لما قدم التتار – خذلهم الله تعالى – سنة سبعمائة إلى أطراف البلاد الشامية، وكانت العساكر المصرية قد خرجت لقتالهم، ثم قوي عليهم المطر وشدة البرد فرجعوا متوجهين إلى مصر، فبلغ ذلك الشيخ تقي الدين ابن تيمية فركب على البريد من دمشق، وساق ليلحق السلطان قبل دخوله إلى مصر


١ توفي سنة اثنتين وسبعمائة، روى عن ابن المقير وابن الجميزي وابن رواج وآخرين، وعنه المزي والقطب الحلبي، وغيرهما من المحدثين.

<<  <   >  >>