للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} .

أما تشبيه المخلوق بالخالق فتوضيحه أن يقال: أن من اعتقد في مخلوق حي أو ميت، نبيا كان أو وليا أو ملكا أو جنيا أو جمادا كالشمس والقمر والبحر، أنه يضر وينفع ويجيب السائلين، ويقضي حوائج الداعين أو يعتقد في الأنبياء والأولياء التصرف في الكون، كاعتقادهم في الغوث الأعظم والأبدال والنجباء، فإنه قد شبه المخلوق بالخالق، إذ هذه الصفات وهي النفع والضر وقضاء حاجة المحتاج فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى وإجابة المستغيث ونحو ذلك من خصائص الألوهية وليس للمخلوق ذرة في ذلك، قال الله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} ، وقال تعالى {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

فتأمل الآية أدنى تأمل لتعرف أن الأنبياء والرسل فضلا عن الأولياء وغيرهم مملوكون ومخلوقون ومدبرون لله سبحانه وتعالى.

وهل يقبل عقل أن يمنح المخلوق صفات الخلق أو بعض صفاته، تعالى الله عما يقول المشركون علوا كبيرا، ولهذا تبرأ المسيح عيسى ابن مر يم ممن يعبده، فقال تعالى {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ, مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أ. هـ.

قال الرازي في مفاتيح الغيب: الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من الأرباب إنهم اعتقدوا أمهم آلهة العلم، بل المراد أنهم أطاعوهم في

<<  <   >  >>