للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن، قال الله تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} .

ونقل عن حاشية ابن المنير أن ما في ذلك المرسل من اعتبار طاعة الكافر مع كفره محال لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وذلك مفقود من الكافر، فإعتاق أبي لهب لثويبة مادام الأمر كذلك لم يكن قربة معتبرة، فإن قيل أن قصة إعتاق أبي لهب ثويبة مخصوصة من ذلك، كقصة أبي طالب، قلنا: إن تخفيف العذاب عن أبي طالب ثبت بنص صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما وقع لأبي لهب في ذلك المرسل فمستنده مجرد كلام لأبي لهب في المنام، فشتان ما بين الأمرين، بهذا كله اتضح بطلان الاستدلال بذلك المرسل على عمل المولد النبوي. أهـ ص ٨٧.

وأما استدلالهم بقول الله تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي قائلين: إن الفرح بالنبي صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر القرآن الكريم من قوله تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ....} الآية، فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم الرحمة، قال الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .

والجواب: أن استدلالهم بهذه الآية من قبيل حمل كلام الله على ما لم يحمله عليه السلف الصالح، والدعاء إلى العمل به على غير الوجه الذي مضوا عليه والعمل به هو أمر لا يليق لما بينه الإمام الشاطبي في كتاب الأدلة الشرعية من الموافقات في أصول الشريعة ج ٣ ص٧١: وهو أن الوجه الذي لم يثبت عن السلف الصالح العمل بالنص عليه لا يقبل ممن بعدهم دعوى النص الشرعي عليه.

قال: إذ لو كان دليلا عليه لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين، ثم يفهمه من بعدهم، فعمل الأولين كيف كان مصادما لمقتضى هذا المفهوم ومعارضا له ولو كان ترك العمل به.

قال: فما عمل المتأخرين من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين، وكل من

<<  <   >  >>