للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما أعرض عنه مراضع الإنس لما سبق في طي الغيب, من السعادة لحليمة بنت أبي ذويب, ووقع نظرها عليه, بادرت مسرعة إليه, ووضعته في حجرها, وضمته إلى صدرها, فهش لها مبتسما, فخرج من ثغره نور الحق بالسماء, فحملته إلى رحلها, وارتحلت به إلى أهلها, فلما وصلت به إلى مقامها, عاينت بركته على أغنامها, وكانت كل يوم ترى منه برهانا, وترفع له قدرا وشأنا, حتى اندرج في حلة اللطف والأمان ودخل بين إخوته مع الصبيان.

ولم يكتف هؤلاء الغلاة في الرسول صلى الله عليه وسلم, وإنزاله تلك المنزلة التي لا تصلح إلا لله تعالى, حتى نسجوا قصيدة على لسان الشيخ عبد القادر الجيلاني قالوا فيها:

كل قطب يطوف بالبيت سبعا ... وأنا البيت طائف بخيامي

كل قطب وكل فرد وشيخ ... تحت حكمي يصغو لطيب كلامي

يا فقيري إن كنت معناك معنا ... باتصالي ورفعتي ومقامي

إن علم العلوم والدرس شغلي ... أنا شيخ القراء وكل إمام

إن سر الأسرار من سريري ... كعبتي راحتي وبسطي مدامي

وفقيري إذا دعاني بشرق ... أو بغرب ونازح بحر طامي

قالت الأولياء جميع بعزم ... أنت قطب على جميع الأنام

قلت كفوا واسمعوا نظم قولي ... إنما القطب خادمي وغلامي

أنا في سجدتي أرى العرش حقا ... وجميع الأملاك فيه قيامي

سائر الدنيا كلها تحت حكمي ... وهي في قبضتي كفرخ الحمام

أنا عبد لقادر طاب اسمي ... جدي المصطفى شفيع الأنام

صلواتي عليه طول الدوام ... بالعشايا وبالبكر والظلام

<<  <   >  >>