للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما ذكره السائل "من استباحة الحرمين الشريفين".

فاعلم أيها السائل الفاضل, أن هذا من الكذب والبهت البين قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} , لم يقع فيهما قتال بحمد الله, فضلا عن الاستباحة, وإنما دخلهما المسلمون في حالة أمن, وصلح, وانقياد من شريف مكة, ورؤساء المدينة, وجلس المشايخ منا في الحرمين الشريفين, للتعليم والتدريس, وكتبت الرسائل في بيان التوحيد والتنزيه, والتقديس, حتى جاءت العساكر {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً} .

وأما الأموال التي أخذت من الحجرة الشريفة, فلم تؤخذ ولم تصرف, إلا بفتاوي أهل العلم من سكان المدينة, ووضع خطوطهم بذلك.

وحاصل ما كتب أن هذه الأموال وضعت توسعة لأهل المدينة وصدقة على جيران رسول الله, وأرصدت لحاجاتهم, وأعدت لفاقتهم, ولا حاجة لرسول الله إليها, وإلى اكتنازها, وادخارها في حال حياته, فضلا عن حال مماته.

وقد تقطعت أسباب أهل المدينة ومرتباتهم بمنع الحج في تلك السنة, وأخرجت تلك الأموال لما وصفنا من الحال, باطلاع وكيل الحرم وغيره من أعيان المدينة وغيرها.

وما وقع من خيانة وغلول, لا تجوز نسبته إلى أهل العلم والدين, أو أنهم راضون, أو غير منكرين له.

ولا يجوز أن يسمي ما وقع, استباحة للحرمين, كما ذكرت أيها السائل.

وقد وقع من تعظيم الحرمين وكسوة الكعبة الشريفة, وتأمين السبل, والحج إلى بيت الله, وزيارة الحرم الشريف النبوي, ما لا يخفى على منصف, عرف الحال, ولم يقصد البهت والضلال.

وأما الاستدلال على صلاح أهلها بشرف تلك البقعة, فهو استدلال من عزبت عنه أدلة الشرع وقواعده, وغابت عنه عهود الكتاب العزيز ومواعده,

<<  <   >  >>