للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصار من جملة الغوغاء والعامة.

ولا حاجة لنا تعداد من كفر بآيات الله, وصادم رسله, ورد حججه من أهل الحرمين, ولا إلى تعداد من في بلاد الحبشة والهند, وبلاد الفراعنة كمصر, وبلاد الصابئة ك"حران", وبلاد الفرس المجوسية من أهل العلم, والفقه والإمامة والدين.

وفضل الحرمين لا يشك فيه من له أدنى إلمام بما جاءت به الرسل الكرام.

ولكن ليس فيه حجة على تحسين حال أهلها مطلقا: وقد قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء لما دعاه إلى الأرض المقدسة, ورغبه فيها: "إن الأرض لا تقدس أحدا" وقال الله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} : وهي مصر والشام.

فإن كان في شرف البقاع حجة ودليل على صلاح أهلها, فليكن هنا وبنو إسرائيل في الأرض المقدسة وسكان "إيليا" والمسجد الأقصى, وقد جرى منهم من الكفر والتكذيب, وقتل الأنبياء ما لا يخفى على من أنس شيئا من أنوار النبوة والرسالة.

ثم استدلال أهل اليمن على حسن حالهم مطلقا, بحديث "الإيمان يمان والحكمة يمانية" وحديث: " أتاكم أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة" أظهر من الاستدلال بشرف البقاع على عدم ضلال أهلها, لأن حديث: "الإيمان يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها" يصدق ولو على البعض والأول أدل١ على العموم, ولو احتج الأسود العنسي وأمثاله على حسن حالهم بما تقدم, لكان جوابه جوابا لنا, فقد قال الله {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} .


١ أي حديث "الإيمان يمان" وحديث "أتاكم أهل اليمن الخ"

<<  <   >  >>