للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) - رحمه الله: -

قوله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَان) (النحل: ١٠٦ (فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرهًا، لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله. (١)

وقال أبو بكر الجصاص (ت: ٣٧٠ هـ) - رحمه الله: -

هذا أصل في جواز إظهار كلمة الكفر في حال الإكراه. (٢)

وقال أبو بكر ابن العربي (ت ٥٤٣ هـ) - رحمه الله: -

لما سمح الله تعالى في الكفر به، وهو أصل الشريعة، عند الإكراه، ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به. (٣)

فإذا لم يؤاخذ اللهُ المكرهَ في النطق بالكفر حال الإكراه، فبلا أدنى ريب أن ما دونه أولى بذلك، ولذا يُعد هذا أصل أصيل في العذر بالإكراه في أصول الشريعة وفروعها.

وأما عن مستند أهل السنة في "التقيّة" فقوله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (آل عمران: ٢٨).

قال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) - رحمه الله: -

قوله: (إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته؛ كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: " إنَّا لَنَكْشرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ". (٤)

وأما مفهوم التقيّة عند الرافضة:

فهي كما يقول الشيخ المفيد: (ت: ٤١٣ هـ) هي عبارة عن: كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرًا في الدين والدنيا. (٥).

فالمفيد- من الرافضة- يعرف التقيّة بأنها الكتمان للاعتقاد خشية الضرر من المخالفين - وهم أهلُ السنة كما هو الغالب في إطلاق هذا اللفظ عندهم - أي هي إظهار مذهب أهل السنة (الذي يرونه باطلاً)، وكتمان مذهب الرافضة الذي يرونه هو الحق، من هنا يرى بعض أهل السنة: أن


(١) - تفسير ابن كثير (٢/ ٥٨٧).
(٢) - أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٩٢).
(٣) - أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١١٨٠).
(٤) - تفسير ابن كثير (٢/ ٣٠).
(٥) - صحيح الاعتقاد، الشيخ المفيد: ٦٦.

<<  <   >  >>