للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم رجلا، وكان يهوديا عالما بكتبهم، حتى كان يقال له: كعب الحبر، وكعب الأحبار١.

وكان إسلامه في خلافة سيدنا عمر، وقيل: في خلافة الصديق، وقيل: إنه أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن تأخرت هجرته، فمن ثم لم يره، والأول هو الأصح والأشهر، وقد سكن المدينة وغزا الروم في خلافة عمر، ثم تحول في عهد سيدنا عثمان إلى الشام، فسكنها، إلى أن مات بحمص، في خلافة عثمان سنة اثنتين، أو ثلاث، أو أربع وثلاثين، والأول هو الأكثر، وقد كان عنده علم بكتب أهل الكتاب، والثقافة اليهودية، كما كان له حظ من الثقافة الإسلامية ورواية الأحاديث.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مرسل؛ لأنه لم يلقَ النبي ولم يسمع منه، وعن عمر، وصهيب، والسيدة عائشة، وروى عنه من الصحابة معاوية، وأبو هريرة، وابن عباس، وبقية العبادية، وعطاء بن أبي رباح، وغيره من التابعين.

وقد أثنى عليه العلماء، قال ابن سعد: ذكروه لأبي الدرداء فقال: "إن عند ابن الحميرية لعلما كثيرا" والظاهر أنه أراد مما يتعلق بكتب أهل الكتاب، وأخرج ابن سعد من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، قال: قال معاوية: ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عند العلم كالبحار، وإن كنا فيه لمفرطين"، وقال فيه الحافظ ابن حجر في "الفتح": كان من أخيار الأحبار٢.

رأي علماء الجرح والتعديل فيه:

وعلماء الجرح والتعديل، وهم الذين لا تخفى عليهم حقيقة أي راوٍ، مهما تستر، لم يتهموه بالوضع والاختلاق، والجمهور على توثيقه، ولم نجد له ذكرا في كتب الضعفاء والمتروكين، وقد ترجم له الإمام الذهبي ترجمة قصيرة في: "تذكرة الحفاظ"، وتوسع ابن عساكر في ترجمته، في: "تاريخ دمشق وأطال أبو نعيم في: "حلية الأولياء".


١ الحبر "بكسر الحاء، وتفتح": المداد الذي يكتب به، ويجمع على أحبار ولقب به العالم لكثرة كتابته، وملازمته له.
٢ فتح الباري ج ١٣ ص ٢٨٥.

<<  <   >  >>