للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أخباره، وعظاته وتخويفه لعمر، وترجم له الحافظ ابن حجر في: "الإصابة"، و: "تهذيب التهذيب"، وتكاد تتفق كلمة النقاد على توثيقه١.

مقالة سيدنا معاوية بن كعب:

ولكن قد يعكر على ما ذكرنا: ما ورد في حقه في الصحيح: روى البخاري في صحيحه بسنده، عن حميد بن عبد الرحمن: أنه سمع معاوية وهو يحدث رهطا من قريش بالمدينة -يعني لما حج في خلافته- وذكر كعب الأحبار، فقال: "إن كان من أصدق -وفي رواية: لمن أصدق- هؤلاء الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب"٢.

وظاهر كلام معاوية، يخدش كعبا في بعض مروياته، كما يدل أيضا على أن الذين كانوا يحدثون بمعارف أهل الكتاب، كان فيهم صادقون، وأن كعبا كان من أصدق هؤلاء، ولكنها لا تدل على أنه وضاع أو كذاب.

وقد حسن العلماء الظن بكعب، فحملوا هذه الكلمة على محمل حسن قال ابن التين: وهذا نحو قول ابن عباس في حق كعب المذكور: "بدل من قبله فوقع في الكذب، قال والمراد بالمحدثين، أنداد كعب ممن كانوا من أهل الكتاب، وأسلموا، فكان يحدث عنهم، وكذا من نظر في كتبهم، فحدث عما فيها، قال: ولعلهم كانوا مثل كعب إلا أن كعبا كان أسد منهم بصيرة، وأعرف بما يتوقاه، وقال ابن حبان في "الثقات": أراد معاوية أنه يخطئ أحيانا فيما يخبر به، ولم يرد أنه كان كذابا، وقال ابن الجوزي: المعنى: أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذابا، لا أنه يتعمد الكذب٣.

والظاهر: أن سيدنا معاوية رضي الله عنه لم يقل مقالته هذه في كعب الأحبار إلا بعد أن اختبره في مروياته، وآرائه، فوجد بعضها لا يوافق الحق والصدق، وأنه كان


١ مقالات الكوثري ص ٣١.
٢ صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء.
٣ فتح الباري ج ١٣ ص ٢٨٤، ٢٨٥.

<<  <   >  >>