للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ.

وَمِنْ هَذَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى امْتِنَاعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَنُقِلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَصُوِّرَ تَعَدُّدُهُ بِصُوَرٍ رَدَدْتهَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَلَا تَنْعَقِدُ كَالْحَجِّ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِهَا، وَهُوَ مُجَامِعٌ أَوْ مُرْتَدٌّ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا لَا سِيَّمَا فِي رَمَضَانَ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الزَّمَنِ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ

(وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ) وَلَوْ فِي حَقِّ الْقَارِنِ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَلَوْ آفَاقِيًّا (نَفْسُ مَكَّةَ) لَا خَارِجُهَا وَلَوْ مُحَاذِيَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلْخَبَرِ الْآتِي حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ (وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ) لِاسْتِوَائِهِ مَعَهَا فِي الْحُرْمَةِ وَيَرُدُّهُ تَمَيُّزُهَا عَلَيْهِ بِأَحْكَامٍ أُخَرَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي خَبَرِ «فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطُحِ» لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ خَبَرُ نُزُولِهِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْآنَ مُتَّصِلَةٌ بِأَوَّلِهِ.

فَلَوْ أَحْرَمَ خَارِجَ بُنْيَانِهَا أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ، لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَبَدَلُ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ وَلَوْ صَوْمًا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبْلَهُ إحْرَامٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا وَطْءٌ وَلَا مُتَعَلِّقَاتُهُ اهـ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَخْ فِي سم مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ نِهَايَةٌ وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى نَفْرًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ تَعَدُّدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ فَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فَقَدْ «أَعْمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِي رِوَايَةٍ «ثَلَاثَ عُمَرَ» قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِعْلُهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ لَيْسَ بِفَاضِلٍ كَفَضْلِهِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهِمَا مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عَمْرٍو وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ سم.

(قَوْلُهُ: إلَّا فَرْضًا) أَيْ:؛ لِأَنَّ النَّفَلَ مِنْهَا يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَاجِبًا كُرْدِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (لِلْحَجِّ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ وَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَاذِيَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَالْخَطِيبِ فَقَالُوا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَلَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْآتِي) أَيْ: فِي شَرْحٍ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ وَ (قَوْلُهُ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحَامِلُ عَلَى ارْتِكَابِ هَذِهِ التَّعَسُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ مَنْزِلُهُمْ الَّذِي قَصَدُوا الْإِقَامَةَ بِهِ إلَى قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَهُوَ مَوْضِعُ إهْلَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَكَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ مِنًى إذَا أَرَادُوا الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ يُهِلُّونَ مِنْ مَحَلِّهِمْ فَكَذَا هَؤُلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا يَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا خَرَجَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ مِنًى وَلَا دَلِيلَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ مِنًى إلَخْ فَظَاهِرُ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ بِمَكَّةَ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدٌ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوِزِ مَطْرَحَ الرَّمَادِ وَمَلْعَبَ الصِّبْيَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي تَرْخِيصِ الْمُسَافِرِ مِنْ قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَوْ ظُهُورِ أَنَّ الْأَبْطَحَ أَوْ بَعْضَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ سم.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعَابَدَةَ مِنْ مَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ فِيهَا مَعَ سِعَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةٌ بِأَوَّلِهِ) وَالْعِمَارَةُ فِي زَمَنِنَا مُتَجَاوِزَةٌ عَنْ الْمُحَصَّبِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالُوهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الْأَصَحُّ مِنْ أَنَّهُ نَفْسُ مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَصِّلْ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَفَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي عَلَى الْإِتْيَانِ وَلَوْ صَوْمًا وَذَلِكَ نَفْسُ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ

. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدٌ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي تَرْخِيصِ الْمُسَافِرِ مِنْ قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَوْ ظُهُورِ أَنَّ الْأَبْطُحَ أَوْ بَعْضَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ كَانَ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَحْثًا اهـ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِمُحَاذَاتِهَا كَسَائِرِ الْمَوَاقِيتِ فِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ وَعَدَمِ الدَّمِ الِاكْتِفَاءُ بِمُحَاذَاتِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي بُعْدِهِ عَنْهَا لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ الْكَافِيَةِ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ مَعَ ذَلِكَ وَبِالْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ جِهَةِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا أَوْ إلَى مُحَاذَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَمُرُّ بِهَا أَوْ بِمُحَاذَاتِهَا وَذَلِكَ كَافٍ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَكُلٌّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>