للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمَمْلُوكَةُ لِمَالِكِهَا إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَمَالٌ ضَائِعٌ أَيْ: إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ يَعْمَلُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْمَصْلَحَةِ وَكَذَا الْمَجْهُولُ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ مَثَلًا فِي هَوَاءِ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ كَمَا أَنَّ هَوَاءَ الْمَمْلُوكِ مَمْلُوكٌ، وَالْمُسْتَأْجَرِ مُسْتَأْجَرٌ فَلِلْمُسْتَأْجَرِ مَنْعُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ الْبِنَاءِ فِيهِ أَيْ: إنْ أَضَرَّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(تَنْبِيهٌ)

يَقَعُ كَثِيرًا الْوَقْفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ مَصْرِفِهِ وَخَرَّجَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَصْرِفِهِ فَالْقَفَّالُ يُبْطِلُهُ وَغَيْرُهُ يُصَحِّحُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ فَتُصْرَفُ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ وَتَوَابِعِهَا لَا لِلْفُقَرَاءِ الْمُجَاوِرِينَ فِيهِمَا هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَمَيْنِ بَعْضُهُمَا وَهُوَ الْمَسْجِدَانِ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُمَا الْمُتَبَادَرَةُ مِنْهُمَا جَمِيعُهُمَا، وَالْوَاجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ وَلَا مَانِعَ هُنَا فَتَعَيَّنَتْ الْحَقِيقَةُ الشَّامِلَةُ لَهُمَا بِمَعْنَى عِمَارَتِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا بِمَعْنَى أَهْلِهِمَا إذْ لَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَسْجِدَيْهِمَا إلَّا ذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ نَاظِرَهُمَا مُخَيَّرٌ فِي الصَّرْفِ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ وَلِمَنْ فِيهَا مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ.

(فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ (إنْ) كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَّا النَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ، أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ كَيْفَ شَاءَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يُرْكِبَهُ الدَّابَّةَ مَثَلًا لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ، وَمَا قَيَّدْته بِهِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مِثْلَهُ خِلْقَةً نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا تَحْصِيلُ مَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِخِلْقَتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، ثُمَّ إنْ (شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نِيَابَةَ النَّظَرِ أَيْ: عَنْ كُلٍّ مِنْ وَلِيِّهِ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ

(قَوْلُهُ: التَّفَرُّعُ) كَذَا بِخَطِّهِ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ اهـ مِنْ هَامِشٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ: عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: فَالْمَمْلُوكَةُ لِمَالِكِهَا) مُبْتَدَأُ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَجْهُولَةُ) أَيْ: وَمَا لَا يُعْلَمُ كَوْنُهَا مَمْلُوكَةً، أَوْ مَوْقُوفَةً مَالٌ ضَائِعٌ كَالْمَمْلُوكَةِ الْمَجْهُولِ مَالِكُهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ) أَيْ: وَأَنَّ هَوَاءَ الْمُسْتَأْجَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ أَضَرَّهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَ بِكَسْرِ الْجِيمِ

[الْوَقْفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ مَصْرِفِهِ]

(قَوْلُهُ وَخَرَّجَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ قَبْلَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالصَّرْفِ إلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ دُونَ عِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ، أَمَّا بَعْدَ اطِّرَادِهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي الصَّرْفِ إلَى أَهْلِهِمَا فَقَطْ حَيْثُ عَلِمَهُ الْوَاقِفُ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ أَقُولُ وَكَذَا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْآنَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْتَادَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ: الْوَقْفُ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَصْرِفٍ (قَوْلُهُ: فَيُصْرَفُ) أَيْ: الْوَقْفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ (قَوْلُهُ: لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى تَثْنِيَةُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ: تَوَابِعِ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ كَفَرْشِهِ وَسِرَاجِهِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ: الْمَسْجِدَيْنِ (قَوْلُهُ: حَاصِلُ كَلَامِهِ) أَيْ: أَبِي زُرْعَةَ (قَوْلُهُ جَمِيعِهِمَا) أَيْ: الْحَرَمَيْنِ مِنْ مَكَّةِ الْمُكَرَّمَةِ، وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ

(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: الشَّامِلَةُ لَهُمَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعَيُّنُ صَرْفِ الْبَعْضِ لِأَهْلِهِمَا، وَالْبَعْضِ لِعِمَارَةِ مَسْجِدَيْهِمَا فَقَوْلُهُ الْآتِي فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ كَيْفَ يُوَافِقُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّامِلَةَ صَادِقَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمُتَحَقِّقَةٌ فِيهِ فَصَحَّ التَّخْيِيرُ اهـ سم (قَوْلُهُ: مِنْ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وسم أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ يَدْخُلُ فِيهِ أَغْنِيَاؤُهُمْ خِلَافًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ)

(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ النَّظَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَهَلْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ: النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْكَبَهُ) أَيْ: الْغَيْرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَرْكَبَهُ إلَخْ وَأَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إلَى التَّقْسِيمِ الْمَارِّ وَأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَتْنًا وَشَرْحًا فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ عَنْ الِاسْتِقْلَالِ، وَالِانْتِفَاعِ، وَمَا هُنَا فِي الْمُقَيَّدِ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّفَرُّعِ فَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْمُنَافَاةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيعٍ ثُمَّ وَجَّهَهُ بِمَا قُلْت لَظَهَرَ الْكَلَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ: وَمَا قَيَّدْته بِهِ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ نَاظِرًا إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِخِلْقَتِهِ) أَيْ: مَنْ يُحَصِّلُهَا (قَوْلُهُ: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ) الثَّانِي أَوْجَهُ بَلْ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَنْفَعَةِ الدَّابَّةِ وَهُوَ قَدْرُ مَا تُطِيقُهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ ثِقَلِهِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيَّةِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَأَنْ يُحَمِّلَهَا قَدْرَ مَا تُطِيقُ مِنْ رَاكِبٍ فَقَطْ، أَوْ أَمْتِعَةٍ فَقَطْ أَوْ مِنْهُمَا نَعَمْ لَيْسَ لَهُ تَحْمِيلُهَا فَوْقَ الطَّاقَةِ كَمِلْكِهِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ غَيْرُهُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ اهـ مُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شَرَطَ إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا لَوْ كَانَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اسْتِنَابَةُ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَفِيهِ شَيْءٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ النَّظَرَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ

(قَوْلُهُ: عَنْ كُلٍّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِنِيَابَةٍ وَ (قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِشَرْطٍ إلَخْ فَزَيْدٌ ثُمَّ أَوْلَادُهُ نَائِبُ النَّاظِرِ فِي حَيَاتِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَسْأَلَةَ الْبُلْقِينِيِّ فَقَوْلُهُ إنَّ الضَّرُورَةَ أَلْجَأَتْ يُنَافِي قَوْلَهُ وَمَسْأَلَةُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ بِهَذِهِ الْعِلَاوَةَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ وَمَا قَبْلَهَا حَيْثُ اشْتَرَطَ فِيهَا لَا فِيمَا قَبْلَهَا عَدَمَ مُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا عَدَمُ مُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ صَرِيحًا إلَّا أَنَّ جَعْلَ هَذِهِ عِلَاوَةً غَيْرَ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ مُسْتَأْجِرٌ) أَيْ وَأَنَّ هَوَاءَ الْمُسْتَأْجَرِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: الشَّامِلَةُ لَهُمَا) بِمَعْنَى عِبَارَتِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا بِمَعْنَى أَهْلِهِمَا قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعَيُّنُ صَرْفِ الْبَعْضِ لِأَهْلِهِمَا وَالْبَعْضِ لِعِمَارَةِ مَسْجِدَيْهِمَا فَقَوْلُهُ الْآتِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ كَيْفَ يُوَافِقُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّامِلَةَ صَادِقَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمُتَحَقِّقَةٌ فِيهِ فَصَحَّ التَّخْيِيرُ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ إلَخْ)

(قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>