للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنّ ذلك حَقٌّ للوَلَدِ دُون الأمِّ، وكذلك لو قال: «هو ابْنِي»، وقالَتْ: «بل زَنَيْتُ، فهو مِنْ زِنًا» .. كان ابْنَه، أفلا تَرَى أنّ حُكْمَ الزَّوْجِ في النَّفْيِ والإثْباتِ إليه دُون أمِّه، فكذلك نَفْيُه بالْتِعانِه إليه دُون أمِّه (١).

(٢٥٥٩) وقال بعض الناس: إذا الْتَعَنَ ثُمّ قالَتْ: «صَدَقَ؛ إنّي زَنَيْتُ» .. فالوَلَدُ لاحِقٌ، ولا حَدَّ عَلَيْها ولا لِعانَ، وكذلِكَ إنْ كانَتْ مَحْدُودَةً، فدَخَلَ عليه أن لو كان فاسِقًا قَذَفَ عَفِيفَةً مُسْلِمَةً والْتَعَنا نُفِيَ الوَلَدُ، وهي عند المسْلِمِين أصْدَقُ منه، وإنْ كانَتْ فاسِقَةً فصَدَّقَتْه لم يُنْفَ الوَلَدُ، فجَعَلَ وَلَدَ العَفِيفَةِ لا أبَ له، وألْزَمَها عارَهُ، ووَلَدَ الفاسِقَةِ له أبٌ لا يُنْفَى عنه.

(٢٥٦٠) قال: وأيُّهما مات قبل أن يُكَمِّلَ الزَّوْجُ اللِّعانَ وَرِثَ صاحِبَه، والوَلَدُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ حتّى يُكَمِّلَ ذلك كُلَّه، فإن امْتَنَع أن يُكَمِّلَ اللِّعانَ حُدَّ لها، فإن طَلَبَتِ الحَدَّ الذي قَذَفَها به لم يُحَدَّ؛ لأنّه قَذْفٌ واحدٌ حُدَّ فيه مَرَّةً، والوَلَدُ للفِراشِ، فلا يُنْفَى إلّا على ما نَفَى به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك أنّ العَجْلانيَّ قَذَفَ امْرَأتَه ونَفَى حَمْلَها لمّا اسْتَبانَه، فنَفاهُ عنه باللِّعانِ.

(٢٥٦١) قال: ولو أكْمَلَ اللِّعانَ، وامْتَنَعَتْ مِنْ اللِّعانِ، وهي مَرِيضَةٌ أو في بَرْدٍ أو حَرٍّ، فكانَتْ ثَيِّبًا .. رُجِمَتْ، وإنْ كانَتْ بِكْرًا .. لم تُحَدَّ حتّى تَصِحَّ ويَنْقَضِيَ الحَرُّ أو البَرْدُ، ثُمّ تُحَدُّ؛ لقول الله تبارك وتعالى: {ويدرأ عنها العذاب} الآية [النور: ٨]، و «العذابُ»: الحدُّ، فلا يُدْرَأ عنها إلّا باللِّعانِ (٢).


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «فكذلك نفيه بالتعانه دون أمه».
(٢) المنصوص عليه هنا: أنا لا نؤخر إقامة الرجم عليها عن شدة الحر والبرد، ونص الشافعي على أن من أقر بالزنا وكان محصنًا لا نرجمه في شدة الحر والبرد، بل يؤخر، وقال المرتِّبون: إن ثبت الزنا بالبيّنة العادلة فلا توقّف؛ فإن الرجم قتلٌ، ولا محاذرة من الهلاك، فأما إذا ثبت الرجم بالإقرار أو بلعان الزوج فاختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من قال: فيهما قولان بالنقل والتخريج: أحدهما - أنا نتأنى فيهما إلى مُضيّ الحر والبرد؛ لأن المقرَّ قد يصيبه أحجارٌ فيرجع، والملاعِنُ قد يكون كاذبًا ثم يشاهد المرجومة فيرِقُّ لها، ويرى تعريضَ نفسه لحد القذف أهونَ مما يتداخله من الرقة عليها، ولا يُقدَّرُ مثلُ هذا في شهادة العدول، والصحيح - لا يؤخر؛ لثبوت ما يوجب الهلاك، ومنهم من أقر النصّين في اللعان والإقرار قرارهما، وفَرَّق بأن المُقر هو المرجوم، فيغلبُ أن يرجع، فإن الرجوع عن الإقرار مما تستحث عليه الطبيعة والشريعةُ. وانظر: «النهاية» (١٥/ ٦٥) و «العزيز» (١٩/ ١٣٨) و «الروضة» (١٠/ ١٠١).