للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لم تَقُلْ في المرْأةِ: إنّك تُحَلِّفُها لتَخْرُجَ مِنْ الحدِّ، وقد ذَكَرَ الله تبارك وتعالى أنّها تَدْرَأ بذلك عن نَفْسِها العَذابَ، فإذا لم تَخْرُجْ مِنْ ذلك فلِمَ لا تُوجِبُ عليها الحدَّ كما قُلْتَ في الزَّوْجِ وفيمَن نَكَلَ عن اليَمِينِ؟ وليس في التنزيلِ أنّ الزَّوْجَ يَدْرَأ بالشّهادَةِ حَدًّا، وفي التنزيلِ أنّ المرأةَ تَدْرَأ بالشّهادَةِ العَذابَ، وهو الحدُّ عِنْدَنا وعِنْدَك، وهو المعْقُولُ والقِياسُ؟ وقلت له: لو قالَتْ لك: لِمَ حَبَسْتَنِي وأنْتَ لا تَحْبِسُ إلّا بحَقٍّ؟ قال: أقول: حَبَسْتُكِ لتَحْلِفِي فتَخْرُجِي به مِنْ الحدِّ، قالت: فإذا لم أفْعَلْ فأقِم عليَّ الحدَّ؟ قال: لا، قالت: فالحبْسُ حَدٌّ؟ قال: لا، قالت: فالحبْسُ ظُلْمٌ، لا أنْتَ أقَمْتَ عليَّ الحدَّ (١)، ولا مَنَعْتَ عنّي حَبْسًا، ولن تَجِدَ حَبْسِي في كِتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا إجْماعٍ ولا قِياسٍ على أحَدِها، فإن قلت: العَذابُ الحبْسُ .. فهذا خَطَأٌ، فكَمْ ذلك؟ يومٌ أم حتّى تَمُوتَ؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [النور: ٢]، أفَتَراه عَنَى الحدَّ أم الحبْسَ؟ قال: بل الحدَّ، وما السِّجْنُ بحَدٍّ، والعذابُ في الزنا: الحدُودُ، ولكنّ السِّجْنَ قد يَلْزَمُه اسْمُ عَذابٍ، قلت: والسَّفَرُ والدَّهْقُ والتَّعْلِيقُ كُلُّ ذلك يَلْزَمُه اسمُ عَذابٍ (٢).

(٢٥٦٥) قال الشافعي: والذين يُخالفُونا في أن لا يَجْتَمِعان أبَدًا، رَوَوْا فيه عَنْ عُمَرَ وعَلِيٍّ وابنِ مَسْعُودٍ: «لا (٣) يَجْتَمِعُ المتلاعنان أبَدًا»، فرَجَعَ بَعْضُهم إلى ما قُلْنا، وأبَى بَعْضُهم.


(١) كذا في ظ، وفي ز س: «حدا»، وفي ب: «حدك».
(٢) إلى هنا من قوله: «قلت: والسفر … » سقط من ب، و «الدهق»: شدة الضغط كما في «القاموس».
(٣) كذا في ز ب، وفي ظ س: «ولا» بالواو.