للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: أشْبَهُ الأمْرَيْن بقولِه عندي أن يكونَ عليه الزكاةُ؛ لقولِه: «إنّ مِلْكَه لم يَزُلْ عنه»، وقال في «باب صدقات الغنم» [ف: ٥٣٨]: «لو ضَلَّتْ غنمُه أو غُصِبَها أحوالًا فوَجَدَها .. زكّاها لأحوالها»، فقَضَى ما لم يَخْتَلِف مِنْ قَوْلِه في هذا لأحَدِ قَوْلَيْه في أنّ عليه الزكاةَ؛ كما قَطَعَ في ضَوالِّ الغنمِ، وبالله التوفيق (١).

(٦٨٨) قال الشافعي: ولو أكْرَى دارًا أرْبَعَ سِنِينَ بمائةِ دِينارٍ .. فالكِراءُ حالٌّ، إلّا أن يَشْتَرِطَ أجَلًا، فإذا حال الحولُ زكَّى خمسةً وعشرين دينارًا، وفي الحولِ الثاني خمسين دينارًا لسنتين، إلّا قَدْرَ زكاةِ الخمسةِ والعشرين، وفي الحولِ الثالثِ خمسةً وسبعين دينارًا لثلاثِ سِنِين، إلّا قَدْرَ زكاةِ السنتين الأوَّلَتَيْن (٢)، وفي الحولِ الرابعِ يُزَكِّي مائةَ دينارٍ لأربعِ سِنِين، إلّا قَدْرَ زكاةِ ما مَضَى (٣).


(١) الشافعي ردد القول في وجوب زكاة الدين المجحود والمال المغصوب والغريق واللقطة، وقطع في الغنم الضالة، واختلف الأصحاب على ثلاث طرق: أصحها - أن المسألة على قولين: أحدهما - أنه لا زكاة في هذه الأموال؛ لتعطل نمائها وفائدتها عليه بسبب خروجها من يده، وامتناع التصرف فيها، وأظهرهما - الوجوب؛ لملك النصاب وحَوَلان الحول، وعبر أصحابنا العراقيون وغيرهم عن هذا القول بالجديد، وعن الأول بالقديم، والطريق الثاني - أنه تجب الزكاة فيها قولًا واحدًا، ومن قال بهذا حمل ما ذكره من الترديد على الرد على مالك في قوله: تجب فيها زكاة الحول الأول دون سائر الأحوال، فقال: أراد الشافعي أن لا يتوجه إلا وجوب زكاة جميع الأحوال لاستمرار الملك، أو نفيها على الإطلاق، أما الفصل بين السنة الأولى وغيرها فلا سبيل إليه، والطريق الثالث - حكى القاضي ابن كج، عن ابن خيران، أن المسألة على حالين، فحيث قال: «يزكيها لأحوالها» .. أراد: إذا عادت إليه بنمائها، وحيث قال: «لا تجب» .. أراد: إذا عادت إليه من غير نمائها. انظر: «العزيز» (٤/ ٤٧) و «الروضة» (٢/ ١٩٢).
(٢) تثنية: «أوَّلة» بمعنى «أُولَى»، وقد قال الفيومي في «المصباح المنير» في مادة: «أول»: «اجترأ بعضهم على تأنيثه بالهاء فقال: (أوَّلَةٌ)، وليس التأنيث بالمرضي»، وقال النووي في «المجموع» (٢/ ٤٣٢): «هذه لغة قليلة، واللغة الفصيحة المشهورة: الأُولَى»، وقال شيخ العربية محمود شاكر في تعليقه على «تفسير الطبري» (١/ ٢٤٠): «وليست خطأً».
(٣) زاد في هامش س: «قال المزني: هذا غَلَطٌ»، ولا وجود له في سائرالنسخ.