للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لهما يَتَراضَيَان فيه بما شاءا؛ إذْ كلُّ واحدٍ منهما (١) يَقُولُ: (لا أدْرِي ما لي منه (٢)، وإن تَداعَيا فالقولُ عندي (٣) قولُ الّذِي كانت الثَّمَرَةُ في يَدَيْه، والآخَرُ مُدَّعٍ عليه (٤).


(١) كلمة «منهما» من ز س، ولا وجود لها في ظ ب.
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «فيه».
(٣) كلمة «عندي» ز س، ولا وجود لها في ظ ب.
(٤) هذا من المواطن المشكِلة المأخوذة على المزني، حيث خلط هنا بين مسألتين:
إحداهما: إذا باع الثمرة دون الشجرة، فملكها المشتري ولم ينقلها حتى حدثت أخرى، واختلطت بالمبيع اختلاطًا لا يتميز، هل يبطل البيع أم لا؟ فيه قولان باتفاق الأصحاب، أظهرهما: أنه لا يبطل؛ كما اختاره المزني، لكنه حصرهما في حالة ما قبل القبض، ورجح فيما بعده القطع بعدم الفسخ، وجمهور الأصحاب على أن الحالتين سواء في جريان القولين، وسيأتي نظير المسألة في «باب الرهن يجمع الشيئين» (الفقرة: ١٣٠٩).
وأما المسألة الثانية - وهي الأولى في الكتاب -: إذا باع شجرة وفيها ثمرة ظاهرة، فالبيع صحيح، والشجرة للمشتري، والثمرة للبائع، فإذا لم ينقل البائع الثمرة حتى ظهرت الثانية، فإن تميزت فالثانية للمشتري؛ لأنها حدثت في ملكه، وإن لم تتميز إحداهما عن الأخرى هل يبطل البيع؟ نقل المزني: إنها على قولين كالمسألة قبلها، وهو مقتضى جمعه بين المسألتين، ووافقه عامة أصحابنا، وقال ابن خيران وصاحب «الإفصاح»: لا يبطل البيع ههنا قولًا واحدًا، وغلط المزني في النقل؛ لأن الشافعي ذكر القولين في المسألة التي ذكرناها، فنقل الجواب إلى هذه المسألة، وهذا لأن في تلك المسألة اختلط المبيع بغير المبيع، وهنا اختلط غير المبيع بغير المبيع؛ لأن الخارجة غير مبيعة، ولكنها بقيت على ملك البائع، والحادثة ملك المشتري، وهي غير مبيعة، وإنما المبيع الشجرة، ولكنه يملك الثمرة بملك الشجرة، واختلاط غير المبيع بغير المبيع لا يوجب بطلان البيع.
وانظر: «النهاية» (٥/ ١١٩) و «البحر» (٤/ ٤٧٧) و «العزيز» (٦/ ٣٦٣) و «الروضة» (٣/ ٥٦٧).
فائدة: جاء في هامش س: «قال شيخ الإسلام البلقيني: الحمل في نظر الإمام الشافعي -رضي الله عنه- والثمرة غير المؤبرة بمنزلة واحدة، وهي تابعة للأصل قطعًا في مسائل، وفي مسائل يجري الخلاف في التبعية، وضابط القطع بالتبعية: أن يكون في عقد معاوضة اختياري لم ينفصل بعضه، كالبيع والصداق ونحوه، فـ «العقد» يخرج الفسخ، كالرد بالعيب والرجوع إلى السلعة بعد الإفلاس ونحوهما، فهل يتبع الحمل الأم؟ رأيان. و «المعاوضة» يخرج الوصية بالحامل وودي الشجرة التي فيها ثمر لم تؤبر، فهل يدخل الحمل والثمرة؟ رأيان. ومن ذلك الهبة على ما نقله الإمام، هل يدخل الحمل في هبة الأم؟ قال الإمام: فيه رأيان. و «الاختيار» يخرج القهر، فهل يأخذ الشفيع الحمل الحادث بعد البيع وقبل الأخذ؟ رأيان، و «لم ينفصل بعضه» يخرج مسألة ذكرها الرافعي في المكاتبة تأتي بولدين، وذكرها الإمام في آخر «النهاية» (١٩/ ٤٧٣)، وهي أن يبيع الجارية وقد وضعت، ثم تأتي بولد لِدُون ستة أشهر، هل هو للمشتري ويتبع الأم في البيع، أو للبائع ويكون كزيادة متصلة بها ( … ) المنفصل؟ رأيان، قال الإمام: كان الشيخ [الخضري] يحكي فيها قولين، ثم قال: القياس الذي لا يجوز غيره أنها للمشتري». انتهى كلام البلقيني، والبياض كلمة لم أقرأها، وما بين المعقوفتين زدته من «النهاية».