للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا غُرْمَ عليه للآخَرِ، ولا يُصَدَّقُ على إبطالِ إقرارِه في مالٍ قد قَطَعَه للأوَّلِ.

(١٤٩٧) ولو شَهِدا على رجلٍ أنّه أعْتَقَ عبدَه فرُدّا، ثم اشْتَرَياه .. فإنْ صَدَّقَهما البائعُ رَدَّ الثمنَ، وكان له الولاءُ، وإنْ كَذَّبَهما عَتَقَ بإقرارِهما، والولاءُ موقوفٌ، فإنْ مات العبدُ وتَرَكَ مالًا .. كان موقوفًا حتّى يُصَدِّقَهما، فيَرُدَّ الثمنَ إليهما، والولاءُ له دُونهما.

قال المزني: أصلُ قولِه أنَّ مَنْ له حَقٌّ مُنِعَه ثُمَّ قَدَرَ عليه أخَذَهُ، ولا يَخْلُو المشترِيان في قولهما في العتقِ مِنْ صِدْقٍ أو كَذِبٍ، فإنْ كانا صَدَقا .. فالثمنُ دَيْنٌ لهما على الجاحِدِ؛ لأنّه باع مَوْلًى له، وما تَرَكَ فهو لمولاه، ولهما أخْذُ الثمنِ منه، وإنْ كان قولُهما كَذِبًا .. فهو عبدُهما، وما تَرَكَ لهما، فاليقينُ أنّ لهما قَدْرَ الثمنِ مِنْ مال الميِّتِ إذا لم يَكُنْ له وارثٌ غيرُ بائعِه وتَرَكَ أكثرَ مِنْ الثمنِ، وإنْ كان ما تَرَكَ أقَلَّ مِنْ الثمنِ لم يَكُنْ لهما غيرُه (١).

(١٤٩٨) قال الشافعي: ولو قال: «له عليَّ دراهمُ»، ثُمّ قال: «هي نَقْصٌ» أو «زَيْفٌ» .. لم يُصَدَّقْ، ولو قال: «مِنْ سِكَّةِ كذا وكذا (٢)» .. صُدِّقَ مع يَمِينِه، كان أدْنَى الدراهمِ أو أوْسَطَها، أو جائزةً بغير ذلك البلدِ أو غيرَ جائزةٍ؛ كما لو قال: «له علي ثوبٌ» أعْطَى أيَّ ثوبٍ أقَرَّ به، وإنْ كان ذلك لا يَلْبَسُه أهلُ بلدِه.


(١) اختلف أصحابنا في الجواب عن هذا .. فقال أبو إسحاق وجماعة: مراد الشافعي بقوله: «يكون موقوفًا»: أن إرثه بالولاء يكون موقوفًا، والدين يأخذه بمقدار الثمن، فليس ذلك أخذًا بالولاء، ومن أصحابنا من قال: غلط المزني فيما قاله، بل لا يستحق هذا المشتري شيئًا؛ لأنه بذل المال فدية تطوعًا بالتقرب إلى الله تعالى، ولا يجوز الرجوع بالتطوع، وأيضًا قد اختلف جهة الأخذ ههنا؛ لأنا لو أعطيناه من التركة شيئًا .. لا نعلم أنا نعطيه كسب عبده، أو نعطيه مال مولى غيره على جهة القصاص. انظر: «الحاوي» (٧/ ٥١) و «البحر» (٦/ ١٣٥).
(٢) يريد: من ضرب سكة معروفة، و «السِّكة»: هي الحديدة التي تُضرَب بها الدراهم وتُطبَع عليها، و «السَّكُّ» و «السَّكِّيّ»: الوتد من الحديد والمسمار الطويل. «الزاهر» (ص: ٣٣٣).