للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبدك إِنَّمَا هُوَ مجَاز بِاعْتِبَار معنى الْقيام بخدمتك وكوني تَحت أَمرك ممتثلا لَهُ على إهانة نَفسِي فِي ذَلِك، والتكلم بالمجاز على اعْتِبَار الْجَامِع، فَإِن وَجه التَّشَبُّه لَيْسَ كذبا مَحْظُورًا شرعا، وَلذَا وَقع الْمجَاز فِي الْقُرْآن، وَلَكِن رده لما يدل عَلَيْهِ خُصُوص هَذَا الْمجَاز من إذلال نَفسه وطاعته لاجل الدُّنْيَا، فَرُبمَا يضر هَذَا الْكَلَام إِذا قيل للخليفة فَعدل إِلَى الِاعْتِذَار بِأَمْر يقرب من خاطره اه.

قَوْله: (أَو يحلف فِيهِ) أَي فِي كَلَامه كثيرا: أَي وَإِن كَانَ فِي صدق فَإِن جرأته على ذَلِك تَقْتَضِي قلَّة مبالاته بِأُمُور الدّين، ولانه رُبمَا أَدَّاهُ ذَلِك إِلَى الْكَذِب فِيهِ.

وَقد عده فِي الطَّرِيقَة المحمدية من جملَة آفَات اللِّسَان وسَاق آيَات وَأَحَادِيث، ثمَّ قَالَ: إِن الْحلف بِاللَّه تَعَالَى صَادِقا جَائِزا بِلَا خلاف، لَكِن إكثاره مَكْرُوه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله: الْحلف حنث أَو نَدم وَتَمَامه فِيهَا.

قَوْله: (أَو اعْتَادَ شتم أَوْلَاده أَو غَيرهم) كمماليكه وَأَهله، فَإِن كَانَ ذَلِك يصدر مِنْهُ أَحْيَانًا لَا يُؤثر فِي إِسْقَاط الْعَدَالَة، لَان الانسان قَلما يَخْلُو مِنْهُ: هندية.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: مَنْ يَشْتُمُ أَهْلَهُ وَمَمَالِيكَهُ كَثِيرًا فِي كُلِّ سَاعَةٍ لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ أَحْيَانَا يُقْبَلُ، وَكَذَا الشتام للحيوان كدابته اه.

قَالَ فِي شرح أدب القَاضِي: إِن من سبّ وَاحِدًا من الْمُسلمين لَا يكون عدلا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة: وحرر ابْن وهبان مَسْأَلَة الشتم حَيْثُ قَالَ: وَالْفِقْه فِي ذَلِك أَن الشتم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بِمَا فِيهِ أَو بِمَا لَيْسَ فِيهِ فِي وَجهه أَو غيبته، فَإِن كَانَ فِي غيبته فَهُوَ غيبَة وَإِنَّهَا توجب الْفسق، وَإِن كَانَ فِي وَجهه فَفِيهِ إساءة أدب، وَإنَّهُ من صَنِيع رعاع النَّاس وسوقتهم الَّذين لَا مُرُوءَة لَهُم وَلَا حَيَاء فيهم، وَإِن ذَلِك مِمَّا يسْقط الْعَدَالَة، وَكَذَا إِذا كَانَ السب باللعنة والابعاد كَمَا يَفْعَله من لَا خلاق لَهُم من السوقة وَغَيرهم اه: أَي وَإِن كَانَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كذب وَحِكْمَة ظَاهر، وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك مَا ورد فِي الحَدِيث: سباب الْمُسلم فسوق وقتاله كفر قَالَ ابْن الاثير فِي النِّهَايَة: السب: الشتم، يُقَال سبه يسبه سبا وسبابا، قيل هَذَا مَحْمُول على من سبّ أَو قَاتل مُسلما بِغَيْر تَأْوِيل، وَقيل إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على جِهَة التَّغْلِيظ لَا أَنه يُخرجهُ إِلَى الْكفْر وَالْفِسْق.

وَأَقُول: هَذَا خلاف الظَّاهِر اه.

قَوْله: (لانه) أَي الاعتياد.

قَوْله: (كَبِيرَة) أَي إِذا أصر عَلَيْهِ بِالْعودِ وَلذَا قَيده بالاعتياد، وَإِلَّا فَهُوَ صَغِيرَة.

قَوْله: (كَتَرْكِ زَكَاة) أَي من غير عذر وَبِه أَخذ الْفَقِيه.

قَالَ الامام فَخر الدّين: وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ.

وَذكر الخاصي عَن قاضيخان أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى سُقُوطِ الْعَدَالَةِ بِتَأْخِيرِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ دُونَ الْحَجِّ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا.

كَذَا فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ.

منح فِي الْفُرُوع آخر الْبَاب.

وَالصَّحِيح أَن تَأْخِير الزَّكَاة لَا يبطل الْعَدَالَة كَمَا فِي الْهِنْدِيَّة.

قَوْله: (أَو حج) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّة: كل فرض لَهُ وَقت معِين كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم إِذا أخر من غير عذر سَقَطت عَدَالَته.

وَمَا لَيْسَ لَهُ وَقت معِين كَالزَّكَاةِ وَالْحج.

روى هِشَام عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَن تَأْخِيره لَا يسْقط الْعَدَالَة وَبِه أَخذ مُحَمَّد بن مقَاتل.

وَقَالَ بَعضهم: إِذا أخر الزَّكَاة وَالْحج من غير عذر ذهبت عَدَالَته، وَبِه أَخذ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث.

وبتأخير الْحَج لَا تسْقط خُصُوصا فِي زَمَاننَا كَمَا فِي الْمُضْمرَات.

قَوْله: (على رِوَايَة فوريته) فِي الْعَام الاول عِنْد الثَّانِي، وَأَصَح الرِّوَايَتَيْنِ عَن الامام وَمَالك وَأحمد: أَي فيفسق وَترد شَهَادَته بِتَأْخِير سِنِين، لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ صَغِيرَةٌ، وَبِارْتِكَابِهِ مَرَّةً لَا يُفَسَّقُ إلَّا بِالْإِصْرَارِ.

بَحْرٌ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفَوْرِيَّةَ ظَنِّيَّةٌ، لِأَنَّ دَلِيلَ الِاحْتِيَاطِ ظَنِّيٌّ، وَلِذَا أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ تَرَاخَى كَانَ أَدَاءً وَإِنْ أَثِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>