للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عَلَيْهِ وَآله: لَا يحل لمُؤْمِن أَن يهجر مُؤمنا فَوق ثَلَاث، فَإِذا مرت بِهِ ثَلَاث فليلقه وليسلم عَلَيْهِ، فَإِن رد عَلَيْهِ فقد اشْتَركَا فِي الاجر، وَإِن لم يرد عَلَيْهِ فقد بَاء بالاثم وَهَذَا مَحْمُول على الهجر لاجل الدُّنْيَا، وَأما لاجل الْآخِرَة وَالْمَعْصِيَة والتأديب فَجَائِز بل مُسْتَحبّ من غير تَقْدِير اه.

قَوْله: (سَوَاء شهد على عدوه أَو غَيره) أَو لَهما قيل عَلَيْهِ مفاده أَن عَدو الشَّخْص لَا تقبل شَهَادَته على الشَّخْص وَلَا على غَيره وَلَا معنى لَهُ، إِذْ شَهَادَة عَدو زيد على عَمْرو مَقْبُولَة، فَلَعَلَّ فِي الْعبارَة سقطا اه.

أَقُول: حَيْثُ كَانَ عدم قبُول شَهَادَة الْعَدو على عدوه مَبْنِيا على أَنه يفسق بالمعاداة وَالْفِسْق مِمَّا لَا يتَجَزَّأ فَلهُ معنى، وَلَيْسَ فِي الْعبارَة سقط حِينَئِذٍ لَا فرق بَين ذَلِك الشَّخْص وَغَيره، وَإِنَّمَا يفرق الْحَال لَو كَانَ عدم الْقبُول مَبْنِيا على التُّهْمَة.

فَتَأمل.

ذكره الْحَمَوِيّ.

قَوْله: (لَا تقبل شَهَادَة الْجَاهِل) قَالَ فِي معِين الْحُكَّام: وَلَا من لَا يحكم فَرَائض الْوضُوء وَالصَّلَاة.

وَمن سَافر فَاحْتَاجَ للتيمم فَلم يُحسنهُ وَلَا المنجم وَإِن اعْتقد عدم تَأْثِير النُّجُوم وَادّعى أَنَّهَا أَدِلَّة ويؤدب حَتَّى يكف عَن هَذَا الِاعْتِقَاد وَلَا يصدق لقَوْله تَعَالَى: * () * (الْجِنّ: ٢٦ - ٢٧) .

قَوْله: (على الْعَالم) لَيْسَ بِقَيْد بِدَلِيل التَّفْرِيع وَالتَّعْلِيل ح.

قَوْله: (لفسقه بترك مَا يجب تعلمه شرعا) قدم فِي بَاب التَّعْزِير أَن للْقَاضِي أَن يسْأَل عَن سَبَب فسق الشَّاهِد، فَلَو قَالَ الطاعن هُوَ تَرْكُ وَاجِبٍ سَأَلَ الْقَاضِي الْمَشْتُومَ عَمَّا يجب عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا ثَبَتَ فِسْقُهُ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى: مَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِالْفِقْهِ لَا تقبل شَهَادَته، وَالْمرَاد مَا يجب تعلمه مِنْهُ اه.

قَوْله: (والعالم الخ) أَتَى بِهِ دفعا لتوهم أَن الْعَالم الْمدرس.

قَوْله: (من يسْتَخْرج الْمَعْنى) السِّين وَالتَّاء زائدتان، وَالْمرَاد بِإِخْرَاجِهِ من التَّرْكِيب فهمه مِنْهُ، وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ من يعلم الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَبَعض آلاتها ط.

قَالَ فِي الاشباه: والاهلية للتدريس لَا تخفى على من لَهُ بَصِيرَة، وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا بِمَعْرِفَةِ مَنْطُوقِ الْكَلَامِ وَمَفْهُومِهِ وَبِمَعْرِفَةِ الْمَفَاهِيمِ، وَأَن تكون لَهُ سَابِقَة الِاشْتِغَال عَلَى الْمَشَايِخِ بِحَيْثُ صَارَ يَعْرِفُ الِاصْطِلَاحَاتِ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَسَائِلِ مِنْ

الْكُتُبِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى أَنْ يَسْأَلَ وَيُجِيبَ إذَا سُئِلَ، وَيَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى سَابِقَةِ اشْتِغَالٍ فِي النَّحْوِ وَالصَّرْفِ بِحَيْثُ صَارَ يَعْرِفُ الْفَاعِلَ مِنْ الْمَفْعُول إِلَى غير ذَلِك، وَإِذا قَرَأَ لَا يلحن، وَإِذا لحن قَارِئ بِحَضْرَتِهِ رد عَلَيْهِ اه.

أَقُول: لَكِن يُؤَيّد أَن المُرَاد بِهِ من يعلم الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة مَا قَالَه قاضيخان: أوصى لاهل الْعلم ببلخ يدْخل أهل الْفِقْه والْحَدِيث اه.

قَوْله: (ومجازف فِي كَلَامه) هُوَ المكثر مِنْهُ الَّذِي لَا يتحَرَّى الصدْق، فَإِن من كثر كَلَامه كثر سقطه.

والمجازفة: هِيَ التَّكَلُّم بِلَا معيار شَرْعِي.

رُوِيَ أَن الْفضل بن الرّبيع وَزِير الْخَلِيفَة شهد عِنْد أبي يُوسُف فَرد شَهَادَته، فَعَاتَبَهُ الْخَلِيفَة وَقَالَ: لم رددت شَهَادَته؟ قَالَ: لاني سمعته يَوْمًا يَقُول للخليفة أَنا عَبدك، فَإِن كَانَ صَادِقا فَلَا شَهَادَة للْعَبد، وَإِن كَانَ كَاذِبًا فَكَذَلِك، لانه إِذا لم يبال فِي مجلسك بِالْكَذِبِ فَلَا يُبَالِي فِي مجلسي، فعذره الْخَلِيفَة اه.

زَاد فِي فتح الْقَدِير بعده: وَالَّذِي عِنْدِي أَن رد أبي يُوسُف شَهَادَته لَيْسَ للكذبة، لَان قَول الْحر لغيره أَنا

<<  <  ج: ص:  >  >>