للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذته عَارِية فَقَالَ بل بيعا فَالْقَوْل للآخذ لانكاره البيع، وَهَذَا إِذا لم يلْبسهُ بَزَّازِيَّة وَالْعلَّة فِي عدم الضَّمَان هُوَ اتِّفَاقهمَا أَن الاخذ كَمَا بالاذن سائحاني.

وَلَعَلَّ الْعَارِية محرفة عَن الْوَدِيعَة، لَان اللّبْس فِي الْعَارِية مُبَاح دون الْوَدِيعَة، وَمَعْلُوم أَن الْعَارِية تبيح التَّصَرُّف كَالْبيع، فَلَا يصلح اللّبْس هُنَا فارقا، لَكِن فِي الْبَدَائِع قَالَ: أعرتني ثَوْبك فَهَلَك وَقَالَ الْمقر لَهُ لَا بل غصبته، فَإِن الْهَلَاك بعد اللّبْس يضمن، لَان لبس ثوب الْغَيْر سَبَب لوُجُوب الضَّمَان فِي الاصل، فدعوى الاذن فدعوى بَرَاءَة عَن الضَّمَان فَلَا يثبت إِلَّا بِحجَّة اهـ.

قَوْله: (وَهُوَ سَبَب الضَّمَان) قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى ترده أَي ثمَّ بعد إِقْرَاره بالاخذ ادّعى

مَا يُوجب بَرَاءَته، وَهُوَ الاذن بالاخذ وَالْآخر يُنكر، فَكَانَ القَوْل لَهُ بِيَمِينِهِ، فَإِن نكل عَنهُ لَا يلْزم، أما لَو قَالَ لَهُ بعد قَوْله أَخَذتهَا وَدِيعَة بل أَخَذتهَا قرضا يكون القَوْل للْمقر، لانهما تَصَادقا على أَن الاخذ حصل بالاذن، وَهُوَ لَا يُوجب الضَّمَان، ثمَّ إِن الْمَالِك يَدعِي عقد الْقَرْض وَالْمقر يُنكره فَالْقَوْل لَهُ، وَمثله لَو قَالَ أَخَذتهَا بيعا بعد قَوْله مَا تقدم.

أَفَادَهُ المُصَنّف وَمثله فِي الْعَيْنِيّ.

قَوْله: (أعطيتنيه) قَالَ الْخَيْر الرَّمْلِيّ: وَمثله دفعتها لي وَدِيعَة وَنَحْوه مِمَّا يكون من فعل الْمقر لَهُ.

تَأمل.

قَوْله: (لانكاره الضَّمَان) قَالَ المُصَنّف: لانه لم يقر بِسَبَب الضَّمَان بل أقرّ بالاعطاء وَهُوَ فعل الْمقر لَهُ، فَلَا يكون مقرا على نَفسه بِسَبَب الضَّمَان وَالْمقر لَهُ يَدعِي عَلَيْهِ سَبَب الضَّمَان، وَهُوَ يُنكر وَالْقَوْل قَول الْمُنكر.

قَالَ فِي الْهِدَايَة: وَالْفرق أَن فِي الْفَصْل الاول أقرّ بِسَبَب الضَّمَان وَهُوَ الاخذ ثمَّ ادّعى مَا يُبرئهُ وَهُوَ الاذن وَالْآخر يُنكره، فَيكون القَوْل لَهُ مَعَ الْيَمين، وَفِي الثَّانِي أضَاف الْفِعْل إِلَى غَيره وَذَلِكَ يَدعِي بِسَبَب الضَّمَان وَهُوَ الْغَصْب وَهُوَ يُنكر فَيكون القَوْل للْمُنكر مَعَ الْيَمين.

وَمِمَّا يكثر وُقُوعه مَا فِي التاترخانية أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ فَقَالَ لَا وَلَكِنَّك غَصَبْتَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ رَكِبَهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضمن، وَكَذَا دفعتها لي عَارِيَّةً أَوْ أَعْطَيْتَنِيهَا عَارِيَّةً.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ قَالَ أَخَذْتُهَا مِنْك عَارِيَّةً وَجَحَدَ الْآخَرُ ضَمِنَ، وَإِذَا قَالَ أَخَذْتُ هَذَا الثَّوْبَ مِنْك عَارِيَّةً فَقَالَ أَخَذْتَهُ مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَا لم يلْبسهُ لانه مُنكر الثّمن، فَإِنْ لَبِسَ ضَمِنَ أَعَرْتنِي هَذَا فَقَالَ لَا بَلْ آجَرْتُك لَمْ يَضْمَنْ إنْ هَلَكَ بِخِلَافِ قَوْله غصبته حَيْثُ يضمن إِن كَانَ اسْتَعْملهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْإِشَارَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ الْمُقِرُّ.

تَأَمَّلْ.

قَوْله: (لاقراره بِالْيَدِ ثمَّ بالاخذ مِنْهُ) أَي ثمَّ ادّعى الِاسْتِحْقَاق بعد فَلَا يصدق بِلَا برهَان.

قَوْله: (وَصُدِّقَ مَنْ قَالَ آجَرْتُ فُلَانًا فَرْسَى هَذِهِ الخ) أَقُول صُورَة الْمَسْأَلَة: فِي يَد إِنْسَان فرس أَو ثوب فَقَالَ مُخَاطبا لزيد إِنَّك كنت أجرت أَو أعرت فرسي هَذِه أَو ثوبي هَذَا لعَمْرو فَرده عَمْرو عَليّ وَكذبه عَمْرو: أَي قَالَ لم أستأجره وَلم أستعره فَالْقَوْل للْمقر الَّذِي هُوَ ذُو الْيَد، وَلَا يكون قَوْله لزيد أجرته أَو أعرته إِقْرَارا لزيد بِالْملكِ لقَوْله فرسي أَو ثوبي.

تَأمل.

ذكره فِي الْحَوَاشِي الْخَيْرِيَّة.

قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>