للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَالْقَوْل للْمقر اسْتِحْسَانًا) وَهُوَ قَول الامام وَقَالا القَوْل قَول الْمَأْخُوذ مِنْهُ، وَكَذَا الاعارة والاسكان لانه أقرّ لَهُ بِالْيَدِ، ثمَّ ادّعى الِاسْتِحْقَاق وَله أَن الْيَد فِيمَا ذكر لضَرُورَة اسْتِيفَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ، فَلَا يكون إِقْرَارا بِالْيَدِ قصدا فَبَقيت فِيمَا وَرَاء الضَّرُورَة فِي حكم يَد الْمَالِك، بِخِلَاف الْوَدِيعَة وَالْقَرْض وَنَحْوهمَا، ولان فِي الاجارة وَنَحْوهَا أقرّ بيد من جِهَته فَالْقَوْل لَهُ فِي كيفيتها، وَلم يقر بذا فِي الْوَدِيعَة فَيحْتَمل أَنَّهَا وَدِيعَة بإلقاء الرّيح فِي بَيته حَتَّى لَو قَالَ أودعتها فَهُوَ على الْخلاف، وَلَيْسَ مدَار الْفرق على ذكر الاخذ الْوَدِيعَة وَنَحْوهَا كَمَا توهمه الزَّيْلَعِيّ، لانه ذكر الاخذ فِي لطرف الآخر فِي إِقْرَار.

كَذَا فِي التَّبْيِين.

وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لم يذكر فِي الْقَرْض مَا ذكر فِي الْوَدِيعَة فَكَانَ قاصرا، وَمَا ذكره فِيهَا نَادِر لَا يبتنى عَلَيْهِ حكم إِلَّا أَن يُقَال: اكْتفي بِمَا سَيذكرُهُ بعد فِي تَوْجِيه حكم قَوْله قبضت مِنْهُ ألفا كَانَت لي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَشْمَل الْقَرْض كَمَا لَا يخفى.

وَنقل الزَّيْلَعِيّ عَن النِّهَايَة: أَن الْخلاف إِذا لم يكن الْمقر بِهِ مَعْرُوفا للْمقر، وَإِلَّا فَالْقَوْل لَهُ إِجْمَاعًا وَعَزاهُ إِلَى الاسرار، وَفِيه بِأَنَّهُ إِذا كَانَ مَعْرُوفا بِهِ فَالْقَاضِي لَا يعرف ذَلِك إِلَّا بِشَهَادَة العارفين عِنْده لَا بِمُجَرَّد قَوْله، فَلْيتَأَمَّل.

وَإِن قُلْتُمْ: القَاضِي يعلم ذَلِك.

قُلْنَا: لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ الْآن.

وَلَو قَالَ قبضت مِنْهُ ألفا كَانَت لي عَلَيْهِ وَأنكر عَلَيْهِ أَخذهَا لانه أقرّ لَهُ بِالْملكِ وَأَنه أَخذ بِحقِّهِ وَهُوَ مَضْمُون عَلَيْهِ، إِذْ الدّين يقْضِي بِمثلِهِ وَادّعى مَا يُبرئهُ وَالْآخر يُنكر، بِخِلَاف الاجارة وَنَحْوهمَا لما بَينا، ولانا لَو آخذنا النَّاس بإقرارهم فِيهَا لامتنعوا عَنْهَا وَالْحَاجة ماسة إِلَيْهَا، فَلَا يُؤَاخذ بِهِ اسْتِحْسَانًا دفعا للْحَرج.

وَفِي الْوَلوالجِيَّة: وعَلى هَذَا الْخلاف لَو قَالَ أودعت فلَانا هَذِه الالف ثمَّ أَخَذتهَا مِنْهُ هما يَقُولَانِ أقرّ بِسَبَب يُوجب ضَمَان الرَّد وَادّعى مَا يُبرئهُ فَلَا يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة، كَمَا لَو قَالَ أخذت مِنْك ألفا كَانَت وَدِيعَة لي عنْدك وَقَالَ الْمَأْخُوذ مِنْهُ بل ملكي، وَأَبُو حنيفَة يَقُول: الاقرار بالاجارة والاعارة والايداع أَولا صَحَّ، لانه أقرّ بِمَا فِي يَده وَلَيْسَ بِحقِّهِ دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن الضَّمَان فَصَارَ الثَّابِت بالاقرار كثابت عيَانًا، وَلَو عاينا أَنه أعَار أَو آجر أَو أودع ثمَّ أَخذ لَا يلْزمه الرَّد، كَذَا هَاهُنَا، فَأَما إِذا قَالَ أخذت مِنْهُ وَهُوَ كَانَ عِنْده عَارِية أَو إِجَارَة أَو وَدِيعَة، فالاقرار بِهَذِهِ الاشياء لَا يَصح، فَصَارَ كَمَا لَو سكت عَن دَعْوَى الثَّلَاثَة، وَلَو قَالَ فلَان سَاكن فِي هَذِه الدَّار فَالْقَوْل للساكن أَنَّهَا لَهُ، وَلَو قَالَ

زرع هَذِه الارض أَو بنى هَذِه الدَّار أَو غرس الْكَرم وَهُوَ بيد الْمقر أَو خاط الْقَمِيص وَلم يقل قَبضته مِنْهُ فَقَالَ بل ملكي فَالْقَوْل للْمقر والاقرار بِالسُّكْنَى إِقْرَار بِالْيَدِ، وَلَو قَالَ ذَا اللَّبن أَو الْجُبْن من بقرته أَو الصُّوف من غنمه أَو التَّمْر من نخله أَو الْعَسَل من نحله وَطَلَبه أَمر بِالدفع إِلَيْهِ.

وَفِي الْخَانِية: ولدت أمة فِي يَده وَقَالَ الامة لفُلَان وَالْولد لي فَكَمَا قَالَ، لَان الاقرار بالجارية لَا يكون إِقْرَار بِالْوَلَدِ، بِخِلَاف الْبناء وَنَحْوه، وَكَذَا سَائِر الْحَيَوَان وَالثِّمَار المحرزة فِي الاشجار بِمَنْزِلَة ولد الْجَارِيَة، وَلَو قَالَ لصندوق فِيهِ مَتَاع فِي يَده الصندوق لفُلَان وَالْمَتَاع لي أَو هَذِه الدَّار لفُلَان وَمَا فِيهَا من الْمَتَاع لي فَالْقَوْل لَهُ.

مقدسي.

قَوْله: (بِخِلَاف الْوَدِيعَة) وَمثلهَا الْقَرْض، لَان الْيَد فيهمَا مَقْصُورَة فَيكون الاقرار بهما إِقْرَارا بِالْيَدِ كَمَا فِي الْمنح.

قَوْله: (وعَلى الْمقر ألف مثله للثَّانِي) لَان الاقرار صَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>