للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله: حين أنزل اللَّه لنا التوبة ... إلى أن قال: ذُكروا بشرِّ ما ذكر به أحد، يشير إلى أن التوبة على المؤمنين اقترنت بذم المنافقين.

وأيضاً فقوله في السياق الطويل: فواللَّه ما أنعم اللَّه عليَّ من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن اللَّه قال للذين كذبوا - حين أنزل الوحي - شرَّ ما قال لأحد فقال تبارك وتعالى: (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ) إلى قوله: (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ).

فقوله: (حين أنزل الوحي) يفسره قوله: (حين أنزل اللَّه لنا التوبة) فقد اجتمع الثناء والقدح لأهل الكذب والمدح في سياق طويل للفريقين أجمع.

فإن قال قائل: فما هو الصواب في المسألة؟

فالجواب: أن الحق فيها عندي لم يتحصحص، وأن الخيط الأبيض فيها من الخيط الأسود لم يتبين وحسبي فيها الاقتداء بابن القيم حين قال في غيرها:

هذا وما نضجتْ لديَّ وعلمُها ... الموكولُ بعدُ لمنزلِ القرآنِ

وأعوذ بالرحمن من جزم بلا ... علم وهذا غاية الإمكان

واللَّه أعلم بالمراد بقوله ... ورسوله المبعوث بالفرقان

لكني أجد نفسي تميل إلى أنها نزلت مع توبة اللَّه على المؤمنين، وأن اعتذارهم سبب نزولها، ولعل مما يؤيد ذلك ما ذكره ابن عطية في قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) من أن الآية نزلت بعد قولهم. لكن اللَّه جعل المستقبل موضع الماضي للدلالة على استدامة ذلك، وأنهم يستمرون على ذلك القول، مع الإقرار بقبول ما اخترت للاعتراض واللَّه الموفق للصواب.

* النتيجة:

أن الآية تحتمل السببية وغيرها، وذلك لتعارض قرائن الترجيح في نفسي كيف لا وسين التنفيس تلاحقني، واللَّه خير مسؤول أن يفتح على القلب بالصواب واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>