للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيى به الإسلام فبينه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة".

ومن لطائف ما روى ياقوت في معجم الأدباء. "إن الفقيه علي بن عيسى الولوالجي قال: دخلت على أبي الريحان١ وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه. وضاق به صدره. فقال لي وهو على هذه الحال: كيف قلت لي يوما حساب الجدات الفاسدة "يعني ميراث الجدات لأم" فقلت له إشفاقا عليه: أفي هذه الحالة؟ قال لي: يا هذا، أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أخليها وأنا جاهل بها. فأعدت عليه تلك المسألة حتى حفظها. وما إن خرجت من عنده حتى سمعت الصراخ". وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن أبناء الأمة الإسلامية في عصورهم المتقدمة، كانوا يدركون أن طلب العلم من المهد إلى اللحد، وأنهم اتبعوا سنة رسول الله حيث يقول: "اطلبوا العلم ولو في الصين" "لا بارك الله في يوم لا ازداد فيه علما". ولقد وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهل العلم بصفات كثيرة تتفق وجلال العلم في نظر الإسلام. وفي بعض أحاديثه أوصلهم بالقرب من درجة النبوة يقول: "أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد، أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل، واما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل".

وقد عرف المسلمون هذه القيمة العليا للعلماء والمتعلمين فحددوا لهم آدابا وقيما لا بد وأن يتمسكوا بها، وإلا خرجوا من دائرة العلماء أو ابعدوا من صفوف المتعلمين.

ومن هذه الآداب والقيم. أن يكون علم العالم من أجل الله والحق. لا من أجل الدنيا والمغانم والجاه والسلطان، وأن يخلص في تعليمه للغير متحرين


١ هو ابن الريحان البيروني. عالم مؤرخ. فلكي. انظر معجم الأدباء لياقوت.

<<  <   >  >>