للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وأنبأنا ابن عبد الله عن أبى محمد التميمى قال: ما حسدت أحدا إلاّ الشريف أبا جعفر، فى ذلك اليوم، وقد نلت مرتبة التدريس والتذكير والسفارة بين الملوك، ورواية الأحاديث، والمنزلة اللطيفة عند الخاص والعام.

فلمّا كان ذلك اليوم خرج الشريف علينا، وقد غسل القائم عن وصيته بذلك.

ثم لم يقبل شيئا من الدنيا، ثم انسل طالبا لمسجده، ونحن كلّ منا جالس على الأرض متحف، متغير لونه، مخرق لثوبه، يهوله ما يحدث به بعد موت هذا الرجل على قدر ما له تعلق بهم، فعرفت أن الرجل هو ذلك.

قال القاضى أبو الحسين - أى ابن أبى يعلى -: قلت له - أى قلت لعبد الخالق - بعد اجتماعه معه: أين سهمنا مما كان هناك؟ فقال: أحييت جمال شيخنا والدك الإمام أبى يعلى. يقال: هذا غلامه، تنزه عن هذا القدر الكثير، فكيف لو كان هو؟

وفى سنة أربع وستين وأربعمائة: اجتمع الشريف أبو جعفر ومعه الحنابلة فى جامع القصر، وأدخلوا معهم أبا إسحاق الشيرازى وأصحابه. وطلبوا من الدولة قلع المواخير، وتتبع المفسدين والمفسدات، ومن يبيع النبيذ، وضرب دراهم تقع بها المعاملة عوض القراضة. فتقدم الخليفة بذلك. فهرب المفسدات، وكبست الدور، وأريقت الأنبذة. ووعدوا بقلع المواخير، ومكاتبة عضد الدولة برفعها، والتقدم بضرب الدراهم التى يتعامل بها. فلم يقنع الشريف ولا أبو إسحاق بهذا الوعد. وبقى الشريف مدة طويلة متعتبا مهاجرا لهم.

وحكى أبو المعالى صالح بن شافع عمن حدّثه: أن الشريف رأى محمدا وكيل الخليفة حين غرقت بغداد سنة ست وستين، وجرى على دار الخلافة العجائب، وهم فى غاية التخبط. فقال الشريف أبو جعفر: يا محمد، يا محمد، فقال له: لبيك يا سيدنا، فقال له: قل له: كتبنا وكتبتم، وجاء جوابنا قبل جوابكم، يشير إلى قول الخليفة: سنكاتب فى رفع المواخير، ويريد بجوابه: الغرق وما جرى فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>