للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يعقد لى عزاء، ولا يشق علىّ جيب، ولا يلطم خد. فمن فعل ذلك فالله حسيبه».

وتوفى رحمه الله تعالى ليلة الخميس سحرا، خامس عشر صفر سنة سبعين وأربعمائة، وغسله أبو سعيد البردانى، وابن الفتى بوصية منه، وكانا قد خدماه طول مرضه.

وصلّى عليه يوم الجمعة ضحى بجامع المنصور، وأمّ الناس أخوه الشريف أبو الفضل محمد. ولم يسع الجامع الخلق وانضغطوا، ولم يتهيأ لكثير منهم الصلاة، ولم يبق رئيس ولا مرءوس من أرباب الدولة وغيرهم إلا حضره، إلا من شاء الله، وازدحم الناس على حمله. وكان يوما مشهودا بكثرة الخلق. وعظم البكاء والحزن. وكانت العامة تقول: ترحّموا على الشريف الشهيد، القتيل المسموم؛ لما ذكر من أن بعض المبتدعة: ألقى فى مداسه سما. ودفن إلى جانب الإمام أحمد.

قال ابن السمعانى: سمعت أبا يعلى بن أبى حازم بن أبى يعلى بن الفراء الفقيه الحنبلى - يوم خرجنا إلى الصلاة على شيخنا أبى بكر بن عبد الباقى، ورأى ازدحام العوام، وتزاحمهم لحمل الجنازة - فقال أبو يعلى: العوام فيهم جهل عظيم.

سمعت أنه فى اليوم الذى مات فيه الشريف أبو جعفر حملوه ودفنوه فى قبر الإمام أحمد، وما قدر أحد أن يقول لهم: لا تنبشوا قبر الإمام أحمد، وادفنوه بجنبه.

فقال أبو محمد التميمى - من بين الجماعة - كيف تدفنونه فى قبر الإمام أحمد بن حنبل وبنت أحمد مدفونة معه فى القبر؟ فإن جاز دفنه مع الإمام لا يجوز دفنه مع ابنته.

فقال بعض العوام: اسكت، فقد زوجنا بنت أحمد من الشريف، فسكت التميمى، وقال: ليس هذا يوم كلام.

ولزم الناس قبره، فكانوا يبيتون عنده كل ليلة أربعاء، ويختمون الختمات، ويخرج المتعيشون، فيبيعون الفواكه والمأكولات، فصار ذلك فرجة للناس. ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>