للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس بمستنكر أن ترى الواحد منهم بعد الواحد نحيفا.

قالوا: وإنّما صارت ألوان سكّان إقليم بابل السّمرة، وهى أعدل الألوان، لأنّهم لم يولدوا في جبال ولا على سواحل بحار [١] ، فخرجت عقولهم الباطنة من الاعتدال والاستواء على حسب ألوانهم وشمائلهم الظاهرة.

قالوا: ويولد المغرب والأقشر [٢] ولا يعدّونهما في البرصان، وإن كان بياضهما خارجا من المقدار، ولو أنّ بعض جلد المغرب صار لبعض السّودان والأدمان لعدّوهما لا محالة في البرصان.

قالوا: والزّنجىّ كلّ شيء منه أسود إلّا أسنانه وبياض مقلتيه. وعلى أنّ لون راحته وظفره لون من البياض والسواد [٣] .

وسأل بعض المعترضين: كيف اعترى أهل البادية البرص مع كثرة التّعب وقلّة الغذاء والجفاف؟

قالوا: وجدنا ذلك في عدد كثير من أهل الشّرف والنباهة فقد علمنا أنّه في أهل الخمول على أضعاف ذلك، إذ كان الخامل ليس فيه معنى يذكر من أجله بسلامة ولا آفة.

قالوا: فإن قالوا: لمكان اللبن وكل ما يجىء من اللّبن.


[١] انظر الحيوان ٣: ٣١٤، وعيون الأخبار ٢: ٦٧.
[٢] المغرب، بفتح الراء الأبيض الأشفار. والمغرب من الإبل: الذي تبيض أشفار عينيه، وحدقتاه، وهلبه، وكل شيء منه. والأقشر: الشديد الحمرة.
[٣] كذا بالأصل، أي مؤلف من البياض والسواد.

<<  <   >  >>