للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل له: فإنّ الزّطّ [١] في الآجام يداومون بين السّمك واللّبن، وهم مغتمسون في جميع أصناف الرّطوبات. وأهل البدو في بلاد الجفاء والجفاف، ويداومون بين اللّبن والتمر. وليس في الزّط من البرص ما ينكر، إلّا أن تكون الحرارة هي التي تقذف بالبلغم من أجواف أهل البدو إلى ظاهر جلودهم. وليس هو عندي كذا كما قالوا، ولكنّ العرب تتهاجى بالأشعار التي تشهر [٢] كلّ خير وشرّ، وتتعايب بالألفاظ المتعسّفة المستخشنة، التي تستدعي الرّواية والحكاية. والرّواة لا تعنى بلسان الزّط وسكّان الآجام؛ لهوانهم عليهم، ولأنّهم لم يتعايبوا بينهم بالكلام الذي يحفظ الرّواة مثله. ولو جمعتهم أيضا كلّهم لم يكونوا كقبيلة من قبائل بني سعد.

وهذا المقدار من عدد البرصان إنّما وجدتموه في جميع جزيرة العرب منذ كانت العرب إلى يومنا هذا. فهذا المقدار قليل، ولو قصدتم إلى أمّة من الأمم يكون عدد جماعتهم على الشّطر من عدد جماجم العرب [٣] لوجدتم عدد برصانهم على الضّعف من عدد برصان العرب. ولولا طعن الحاسد لهم والباغي عليهم لكنت عسى ألّا أتحمّل لك نسخ هذا الكتاب مع ثقله علىّ، وبالله التوفيق.

قالوا: والإنسان يعتريه البرش من شرب اللّبن وأكل التّمر. وقد هجا


[١] الزط: جيل من الهند، معرب «جتّ» بالفتح. وانظر تتمة التحقيق في حواشي الحيوان ٥: ٤٠٧.
[٢] في الأصل: «يشهر» .
[٣] جماجم العرب: القبائل التي تجمع البطون وينسب إليها دونهم، نحو كلب ابن وبرة، إذا قلت كلبى استغنيت أن تنسب إلى شيء من بطونهم.

<<  <   >  >>