للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الكرخي رحمه الله في «كتابه» : إذا لم يكن لهما بينّة فإنهما يتحالفان أولاً، فإذا حلفا حينئذ يحكم مهر المثل عندهما. قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: والأصلح ما ذكره الكرخي رحمه الله؛ لأن ظهور مهر المثل عند انعدام التسمية، وإنما تنعدم التسمية بالتحالف وإنما يدعي كل واحد منهما ... بيمين صاحبه فيبقى نكاحاً بلا تسمية، فيكون موجبه مهر المثل، وغيره من المشايخ صححوا ما ذكر في «الأصل» ؛ لأنه إنما يصار إلى التحالف إذا لم يكن ترجيح قول أحدهما على الآخر بشهادة الظاهر له وإذا كان مهر المثل يشهد لأحدهما فالظاهر شاهد له فلا يصار إلى التحالف.

وإن وقع الاختلاف بينهما على هذا الوجه بعد الطلاق. فإن كان قد دخل بها فهذا والأول سواء، فإن لم يدخل بها فقد ذكر في كتاب النكاح: أن القول قول الزوج وعليه نصف ما أقرّ به. وقد ذكر في «الجامع» : أن القول قول تشهد له المتعة، فمن مشايخنا من قال: ما ذكر في النكاح قول أبي يوسف رحمه الله وما ذكر في «الجامع» قولهما ومنهم من قال: ما ذكر في النكاح قولهما، أيضاً، وإنما اختلف قولهما لاختلاف الموضوع موضوعَ المسألة في «الجامع» في الاختلاف في العشرة والمائة فالزوج يدعي الزواج بالعشرة فيكون مقراً لها بالخمسة وذلك لا يبلغ متعتها فأفاد تحكيم المتعة. موضوع المسألة في النكاح في الاختلاف في الألف والألفين فيكون الزوج مقراً لها بالخمس مائة وذلك يزيد على متعتها عادة فلا يفيد تحكيم المتعة.

ومن المشايخ من قال: ما ذكر في «الجامع» قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وما ذكر في النكاح قول أبي يوسف رحمه الله، فصار في تحكيم المتعة في الطلاق قبل الدخول روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله على قول هذا القائل.

وحكى القاضي أبو القاسم عن القضاة الثلاثة رحمهم الله أن ما ذكر في النكاح قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وما ذكر في «الجامع» قول محمد رحمه الله، فصار الحاصل على قول هذا القائل أن على قول أبي يوسف رحمه الله القول قول الزوج قبل الطلاق وبعده إلا أن يأتي بشيء مستنكرٍ جداً، وعلى قول محمد رحمه الله يحكم مهر المثل قبل الطلاق والمتعة بعد الطلاق، وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يحكم مهر المثل قبل الطلاق ولا تحكم المتعة بعد الطلاق فيكون القول قول الزوج بعد الطلاق.

والفرق له: أن مهر المثل (واجب) لأن الزوج استوفى بدله حين دخل بها، فأما المتعة ليست ببدل على البضع؛ لأن الزوج (لم) يدخل بها فلا يجب اعتبار المعادلة فنصير فيه إلى الأصل، والأصل: أن من ادعى على آخر شيئاً وأنكر الآخر فالقول قول المنكر، والمنكر هنا الزوج.

ولو مات أحدهما ثم وقع الاختلاف بين ورثة الميت وبين الحي فهذا وما لو اختلفا وهما حيّان سواء. ولو ماتا فههنا فصلان.

<<  <  ج: ص:  >  >>