للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن يتفق الورثة أنه لم يكن في العقد تسمية، وفي هذا الفصل القياس أن يقضى لها مهر المثل وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، قال أبو حنيفة رحمه الله: أستحسن في هذا أن أبطل المهر، وله في ذلك طريقان: أحدهما: يشير إلى أنه إنما يقول ببطلان مهر المثل إذا تقادم العهد وانقرض أهل ذلك العصر، حتى تعذر على القاضي الوقوف على مقدار مهر المثل. أما إذا لم يتقادم العهد وأمكن للقاضي الوقوف على مقدار مهر المثل لا يبطل مهر المثل فيقضى لها بمهر المثل كما هو مذهبهما.

والثاني: يشير إلى أنه يقول ببطلان مهر المثل لموتهما على كل حال تقادم العهد أو لم يتقادم.

الفصل الثاني إذا وقع الاختلاف بين قولهما في مقدار المسمّى

فعلى قول محمد رحمه الله يحكم مهر المثل، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: القول قول ورثة الزوج إلا (أن) يأتوا بما هو مستنكر جداً، وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله فهو المثل لا يبقى بعد موتهما على أحد الطريقين مطلقاً، وعلى أحد الطريقين إذا تقادم العهد فيكون القول (٢٠٨أ١) قول ورثة الزوج إلا أن يقوم لورثة المرأة بينة على ما ادعوا. قال الكرخي رحمه الله في «مختصره» : لو ادعى الزوج أن المهر هذا العبد، وقالت المرأة: هذه الجارية فالكلام فيه كالكلام في الألف والألفين إلا في فَصلٍ واحد؛ أنه إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أكثر فلها قيمة الجارية، لأن بملك الجارية لا يكون إلا بالتراضي، وإذا لم يتفقا على ذلك فقد تعذر التسليم فوجبت القيمة.

وعلى هذا: إذا قال الزوج: تزوجتك على عبدي الأسود هذا وقيمته ألف، وقالت المرأة: تزوجتني على عبدك الأبيض هذا وقيمته ألفي درهم فهو نظير الاختلاف في الألف والألفين إلا في فصل واحد؛ أنه إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الأبيض أو أكثر فلها قيمة الأبيض لما قلنا في فصل العبد والجارية.

ولو اختلفا في طعامٍ بعينه فقال الزوج: تزوجتك على هذا الطعام بشرط أنه كرّ، وقالت المرأة: لا بشرط أنه كرّين فهو مثل الاختلاف في الألف والألفين. والأصل في جنس هذه المسائل: أن الزوجان إذا اتفقا على تسمية شيء بعينه في النكاح واختلفا في مقداره أنه كان شيئاً لا يضره التبعيض كالمكيل والموزون يحكم فيه مهر المثل، فيتحالفان إذا كان مهر المثل بين الدعوتين.

بيانه في هذه المسألة: فيما إذا تزوجها على نُقرة فضة بعينها واختلفا فقال الزوج: تزوجتك على هذه النُقرة بشرط أنها مائتي درهم، وقالت المرأة: لا بشرط أنها ثلاثمائة وإن كان شيئاً يضرّه التبعيض كما لو تزوجها على ثوب خز بعينه ثم اختلفا فقال الزوج: تزوجتك على هذا الثوب على أنه عشرة أذرع، وقالت المرأة: لا بل على أنها تسعة أذرع؛ ففي هذه الصورة القول قول الزوج ولا يتحالفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>