للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونها معيبة عند البائع فلا يصير المشتري الأول مكذباً في إقراره بكونها معيبة عند البائع الأول، فلهذا لايكون له مخاصمة البائع الأول، وقود هذا التعليل أن لا يكون للمشتري الأول حق مخاصمة بائعه في المسألة الأولى بالاجماع، وقود ماذكر من العلة لهما في المسألة الأولى أن يكون للمشتري الأول حق مخاصمة بائعه عندهما في هذه المسألة أيضاً.

وفي «المنتقى» : اشترى من آخر داراً وسلمها إلى إنسان، ثم افترقا قبل القبض، ثم رأى المشتري بالدار عيباً فله أن يردها على بائعها وإن لم يتفرقا حتى يتقاضى السلم، فليس له أن يردها على بائعها، وهذا يجب أن يكون على قول محمد؛ لأن بيع العقار قبل القبض عنده لايجوز، فلا يمكن أن تجعل هذه المناقضة بيعاً جديداً في حق البائع الأول، وقد ذكرنا جنس هذا في أول الفصل.

نوع آخر منه

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل اشترى من آخر عبداً بألف درهم وقبضه، ثم باعه من آخر بمائة دينار وتقابضا، ثم إن المشتري الآخر لقي بائعه وزاد في الثمن خمسين ديناراً، حتى صحت الزيادة ودفع المشتري الزيادة إلى البائع، ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فرده على البائع بقضاء قاضٍ استرد الثمن والزيادة جميعاً، وكان للمشتري الأول أن يرد على بائعه؛ لأن المبيع عاد إلى قديم ملكه، وكأن المشتري الآخر لم يزده في الثمن شيئاً، ولكنهما التقيا فجدد العقد بينهما بألفي درهم صح، وينقض البيع الأول بطريق الاقتصار كأنهما تقابلا، ثم تعاقدا، فإن وجد المشتري الآخر بالعبد عيباً فرده لم يكن لبائعه أن يرده على بائعه الأول؛ لأن هذا الرد لايعود إليه قديم ملكه بالعقد الأول، لما عرف أن الإقالة عقد جديد في حق الثالث، والبائع الأول ثالثهما، فصار في حق البائع الأول كأن المشتري الأول اشتراه ثانياً من المشتري الآخر، فلم يعد إلى المشتري الأول بالرد بالعيب الملك المستفاد من جهة البائع الأول بخلاف الزيادة؛ لأنها لاتوجب فسخ العقد الأول على أصح الأقوال؛ لأن الزيادة تصرف في وصف العقد، والتصرف في وصف البيع تقريراً لأصله، فعاد إلى المشتري الأول بالرد عليه قديم ملكه، أما ههنا بخلافه.

ولو كان المشتري الثاني زاد في الثمن عرضاً بعينه، ثم وجد بالعبد عيباً ورده على المشتري الأول بقضاء، رده المشتري الأول على البائع الأول لما مر، وإن لم يجد المشتري الثاني بالعبد عيباً لكنه هلك العرض قبل أن يقبض البائع الثاني، وقيمة العرض خمسون ديناراً، فإنه ينقض العقد في ثلث العقد ويكون ذلك الثلث إلى البائع الثاني؛ لأن الزيادة إذا صحت التحقت بأصل العقد، ويصير كأن المشتري الثاني اشتراه بمائة دينار، وعرض قيمته خمسون ديناراً، فإن وجد المشتري بعد ذلك بالعبد عيباً ورد الثلثين الباقيين على البائع الثاني بقضاء، فإن للبائع الثاني أن يرد العبد على البائع بذلك العيب؛ لأنه عاد إلى البائع الثاني ملكه الذي استفاده من جهة البائع؛ لأن في الثلث انتقض العقد بهلاك أحد العرضين وإنه فسخ من الأصل، وفي الثلثين انتقض العقد بالرد بقضاء القاضي، وإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>