للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...................................................................................................................

قاضٍ آخرَ يَجِبُ عليه إمضاءهُ إلاَّ أن يكونَ:

مخالفاً للكتابِ كمتروكِ التسميةِ عامداً، فإنَّهُ مخالفٌ لقولِهِ تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمِّا لَمْ يُذْكَرْ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} (١).

أو السُّنَّةِ المشهورةِ: كالقضاءِ بحِلِّ المطلقةِ ثلاثاً بنكاحِ الزَّوجِ الثَّاني بلا وطءٍ على مذهبِ سعيد بن المسيب (٢) - رضي الله عنه -، فإنَّه مخالفٌ للسُّنَّةِ المشهورةِ، وهي قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «لا حتَّى تذوقي من عسليتِهِ (ويذوقَ من عسيلتكِ) (٣)» (٤) الحديث.

أو للإجماعِ كالقضاءِ بحلِّ متعةِ النِّساء؛ لأنَّ الصحابةَ أجمعوا على فسادِه.

فحاصلُ هذا أنَّ القاضي إذا قَضَى في مُجْتَهَدٍ فيه يصيرُ مُجْمَعَاً عليه، فيَجِبُ على قاضٍ آخرَ تنفيذُه، وهذا حُكْمٌ في وفقِ مذهبِه، أمَّا إذا حَكَمَ على خلافِ مذهبِهِ فسيأتي.


(١) من سورة الأنعام، الآية (١٢١).
(٢) شكك الحافظ ابن كثير في صحة نسبة هذا القول إليه، ومال الدكتور هاشم جميل إلى رأيه بتأويل ما صح من قول ابن المسيب: أما الناس فيقول: حتى يجامعها، وأما أنا فإني أقول: إذا تزوجها بتزوج صحيح، لا يريد بذلك احلالاً، فلا بأس أن يتزوجها الأول. لأنه راوي لحديث العسيلة، فيكون قوله هذا قبل وصول الحديث له. والظاهر أن هذا لا يقوم حجّة على عدم نسبة القول إليه. والتفصيل في «فقه سعيد بن المسيب» (٣: ٣٥١ - ٣٦٠).
(٣) زيادة من أ.
(٤) وهو من حديث عائشة - رضي الله عنه -، قال: (جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي، فتزوَّجتُ عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) في «صحيح البخاري» ٢: ٩٣٣)، واللفظ له، و «صحيح مسلم» (٢: ١٠٥٦)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>