للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ خَافَتْ على نَفْسِهَا أَوْ ولدِها،

===

فنسختها.

ولنا ما روى الجماعة عن عطاء، أَنَّه سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذينَ يُطِيقُونَه فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين}. وفي رواية: «يُطَوَّقُونَه» (١) ، فقال: إِنَّها ليست بمنسوخة، بل هي للشيخ الكبير، والمرأَة الكبيرة لا يستطيعان أَنْ يصوما، فيطعمان كل يوم مسكيناً. وهو مَرْوِيٌّ عن علي وابن عمر وغيرهما من الصحابة، ولم يُرْوَ عن أَحد منهم خلاف ذلك، فكان إِجماعاً. وأَيضاً لو كان خلاف لكان قول ابن عباس: ليست بمنسوخة، مُقدَّماً لأَنه مما لا يقال بالرأي، بل عن سَمَاع، لأَنَّه مخالف لظاهر القرآن، لأَنه مُثْبَتٌ في نَظْم كتاب الله، فَجَعْلُه مَنْفياً بتقديرِ حَرْفِ النَّفْي لا يُقَدَّمُ عليه إِلاَّ بِسَماعٍ البتَّة. وكثيراً ما يُضْمَرُ حرفُ «لا» في الكلام، قال الله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} (٢) ، {وألقى في الأرض رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (٣) ، {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} (٤) أَي لا تَفْتَؤُا، يعني لا تَنْفَكُّ ولا تَزَالُ. ورِوَايَةُ الأَفْقَهِ أَوْلى.

وفي «المحيط»: والأَعذار التي تبيح الإِفطار ستة: السفر، والمرض، والحَبَلُ، والإِرضاع، والعطش الشديد أَوْ الجوع الذي (٥) يخاف منه الهلاك، أَوْ المرض، وعجز الشيخ الفاني عن الصوم، فلو وجب عليه قَضَاءُ شيءٍ من رمضانَ فلم يَقْضِهِ حتى صار شيخاً فانياً جازت له الفديةُ.

وكذا لو نذر صوم الأَبد فَضَعُفَ عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة، له أَنْ يُفْطِر ويطعم لأَنه استيقن أَنه لا يقدر على قضائه، وإِنْ لم يقدر على الإِطعام لعسرته يستغفر الله ويستقيله (٦) .

(وحَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ خَافَتْ على نَفْسِهَا أَوْ ولدِها) لقوله: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عن المُسَافِرِ الصومَ وشَطْرَ الصلاة، وعن الحُبْلَى والمُرْضِع الصومَ» (٧) . ولا كفارةَ على مَنْ أَفْطَرَتْ في رَمَضَانَ خَوْفاً على نَفْسِهَا من أَنْ تَمْرَضَ من الخدمةِ، أَمَةً كانت أَوْ مَنْكُوحَةً،


(١) هذه قراءة شاذة.
(٢) سورة النساء، الآية: (١٧٦).
(٣) سورة النحل، الآية: (١٥).
(٤) سورة يوسف، الآية: (٨٥).
(٥) سقط من المطبوعة.
(٦) يَسْتقِيله: أي يسأله أن يصفح عنه. المعجم الوسيط، ص: ٧٧٠، مادة (قال).
(٧) أخرجه الإمام الترمذي في سننه ٣/ ٩٤، كتاب الصوم (٦)، باب ما جاء في الرخصة في الإفطار .. (٢١)، رقم (٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>