للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَرِيضٌ خَافَ زيادَةَ مَرَضِهِ والمُسَافِرُ، أَفْطَرُوا وقَضَوْا بلا فِدْية.

وصومُ سَفَرٍ - لا يَضُرُّ - أَحَبُّ

===

لعَدَمِ قَصْدِ هتك حُرمة الشهر.

(ومَرِيضٌ خَافَ زيادَةَ مَرَضِهِ) أَوْ تَأَخُّرِه بأَن غَلَبَ على (١) ظنِّه ذلك، أَوْ أَخبر به طبيب حاذق عَدْل عند أَبي حنيفة، وقالا: المبيح له هو عجزه عن القيام في الصلاة، لأَن فرض الصوم لا يسقط إِلاَّ بالأَداء، أَوْ بما هو عُذْر شرعي. والشرع اعتبر العجز عن القيام في الصلاة عُذْراً فتتعلق إِباحة الإِفطار به. وله أَنَّ قوله سبحانه: {فَمَنْ كان مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَر} (٢) يقتضي تعليقَ الفطر بمجرد المرض أَوْ السفر، إِلاَّ أَنَّ المرض لما كان متنوعاً يزداد بعضه بالصوم وينتقص بعضُه به، بَنَيْنَا الحُكْمَ على ازدياده دون أَصله بخلاف السفر، لأَن مَظِنَّة المشقة بكل حال، فأُدير الحكمُ فيه على أَصل السفر.

(والمُسَافِرُ) الذي فارق بيوتَ المِصْر قبل الفجر (أَفْطَرُوا) خَبَرٌ عن «الحامل» وما عُطِفَ عليه (وقَضَوْا بلا فِدْية) إِذا أَفطروا، ولا كفارة عليهم، لأَنهم أَفطروا بعذر، وهو مَرْوِيٌّ عن علي وابن عباس، وعن الشافعي ومالك كمذهبنا.

(وصومُ سَفَرٍ ـ لا يَضُرُّ ـ أَحَبُّ) من الفطر، وبه قال مالك والشافعي، وقال أَحمد والأَوْزَاعي: الفِطر أَحب مطلقاً لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس من البِرِّ الصيامُ في السَّفَر» (٣) . ولنا أَنَّ الصوم هو العزيمة في حق الكل لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ منْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٤) ، ثم قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَر} ( ٤) للرُّخْصة، والأَفضل هو الأَخْذ بالعزيمة، ويؤيده أَيضاً إِطلاق قوله تعالى: {وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم} ( ٤)، وأَيضاً رمضانُ أَفضل الوقتين، فالأَداء فيه أَفضل مع ما فيه من المبادرة إِلى الطاعة، وفي التأْخير تعرضٌ لحدوث الآفة.

وفي «مُسْلم» من حديث أَبي سعيد الخُدْري قال: «كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضانَ، فَمِنَّا الصائمُ ومنّا المُفْطِرُ، فلا يَجِدُ الصائِمُ على المُفْطِر، ولا المفطر على الصائم، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٤).
(٣) أخرجه الإمام أبو داود في سننه ٢/ ٧٩٦، كتاب الصوم (١٤)، باب اختيار الفطر (٤٤)، رقم (٢٤٠٧).
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>