للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودَمُ الإحْصَارِ عَلى الآمِرِ ودَمُ القِرَانِ عَلَى الحَاجِّ.

===

به. وليس له أَنْ يدعو أَحداً إِلى طعامه، ولا يتصدّق به، ولا يقرِضه، ولا يصرِف الدنانير بالدراهم إِلاَّ لحاجةٍ تدعو إِلى ذلك، ولا يشتري منه ماء لوضوئه، ولا يدخل الحمام، ولا يشتري منها دهناً للسِّراج، ولا ما يدَّهِن به أَوْ يتداوى به، ولا يعطي منها أُجرة الحَلاق أَوْ الحجَّام إِلاَّ أَنْ يأْذن له الميت أَوْ الوارِث، ولا ينفق على مَنْ يَخْدُمه إِلاَّ إِذا كان مِمَّنْ لا يَخْدُم نفسه.

وفي «فتاوى قاضيخان»: له أَنْ يدخل الحَمَّام بالمتعارَف مِنْ الزمان، ويعطي أُجرة الحارس مِنْ مال الآمر، وله أَنْ يخلط دراهم النفقة مع الرُّفقة، ويُودِع المال، وله أَنْ يشتري دابةً يركَبها، ومَحْمِلاً (١) وقِرْبة (٢) ، وأَدواتٍ وسائر الآلات. انتهى. وإِذا تَعَجَّل إِلى مكة مِنْ رمضان فنفقتُه من مال نفسه إِلى عشر ذي الحِجّة.

ويحج عن المُوصِي بالحج راكِباً من بلده ـ لقيامه مقامه ـ إِنْ كَفَت نفقتُه لذلك، وإِلاَّ فمِنْ حيثُ يبلغه، وهذا استحسانٌ. وفي القياس تَبْطُل هذه الوصية لِعَجْز الوصي عن تنفيذ ما أُمِر به وهو الحج مِنْ منزِلِه، كما لو أَوْصى بعتق نَسمةٍ بأَلفٍ وكان ثلثُ المال دونَها. ووجه الاستحسان أَنَّ المقصود من الحج ابتغاءُ مرضاةِ اللهِ. ونَيْل الثواب، فيكون بمنزلةِ الوصية بالصَّدقة، وهي تَنْفُذ بِحَسب الإِمكان.

(ودَمُ الإِحْصَارِ عَلى الآمِرِ) إِنْ كان حَيَّاً وفي ماله مِنْ ثُلُثهِ، أَوْ كله إِنْ كانَ ميتاً، لأَنه الذي ورَّطَه فيه، ثُم يجب عليه مِنْ قابل بمالِ نفسه، لأَنه لم يُتِمَّ الأَفعال بسببِ الإِحصار، وإِنَّما يقع ما هو مسمى الحج عنه ولم يتحقق. ولو فاته الحج لا يضمن النفقة لعدم المخالفة، فهو كالمُحْصَر وعليه الحج مِنْ قابل بمالِ نفسه. وقال أَبو يوسف: على المأْمور، لأَنه للتَّحَلُّل وصار كدَمِ القِران. وأُجيب بأَن دم الإِحصار مَؤُنة بمنزلة نفقة الرجوع.

(ودَمُ القِرَانِ) ودم الجِناية (عَلَى الحَاجِّ) أَمَّا دم الجناية فلأَن المأْمور هو الجاني، وأَما دم القِران فلأَنه وجب شُكراً للجَمْع بين النُّسُكَيْن، والمأْمور هو المختص بهذه النعمةِ. قالوا: وهذه تشهد لصحَّة المَرْوي عن محمد مِنْ أَنَّ الحج يقع عن المأْمور، والمراد قِرانٌ أَمَرَه واحدٌ به أَوْ أَمَرَهُ اثنان: أَحدهما بالحج والآخر بالعمرة وأَذنا


(١) المَحْمِل: الهَوْدج، وهو مَرْكب يُرْكب عليه على البعير. معجم لغة الفقهاء ص: ٤١٤.
(٢) القِرْبة: ظرف من جلد يُخْرَز من جانب واحد، وتُستعمل لحفظ الماء أو اللبن ونحوهما. المعجم الوسيط، ص ٧٢٣، مادة (قرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>