للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا» ثُمَّ قَالَ: «مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ: رَسُولُ اللهِ بَعْدَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ، وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا.

قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا، عَطِشْنَا. فَقَالَ: «لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي» (١) قَالَ: وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَحْسِنُوا الْمَلَأَ (٢)، كُلُّكُمْ سَيَرْوَى» قَالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ، حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ .

قَالَ: ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ لِي: «اشْرَبْ» فَقُلْتُ: لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» قَالَ: فَشَرِبْتُ، وَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ . قَالَ: فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً (٣).

قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ،


(١) الغمر: قدح صغير، أو قعب صغير. والمعنى: جيئوني به. انظر: «كشف المشكل» (٢/ ١٥٤) لابن الجوزي.
(٢) أي الخُلق. قال الفراء: أحسنوا إملاءكم، أي عَوْنَكُم من قولك: مَالأت فلانًا، أي أعنته. كما في «المعلم بفوائد مسلم» (١/ ٤٤٢).
(٣) أي: ممتلئين ماءً، من جمام المكوك وهو امتلاؤه. كما في «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>