للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما استتمّ نزول العسكر عليها حتّى أخذت البلد؛ وكان فيه مسلمون مقيمون وقاض يحكم بينهم، وقوتلت القلعة قتالا شديدا ثم سلّمت بالأمان. ثم سار السلطان عنها إلى اللّاذقيّة فنزل عليها يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الأولى، ولها قلعتان (يعنى اللّاذقيّة) متّصلتان على تلّ مشرف على البلد، واشتدّ القتال إلى آخر النهار، فأخذ البلد دون القلعتين، وغنم المسلمون منه غنيمة عظيمة لأنّه كان بلد التجّار؛ ثم جدّوا فى أمر القلعتين بالنّقوب حتّى بلغ طول النّقب ستين ذراعا وعرضه أربع أذرع. فلمّا رأى أهل القلعتين الغلبة لاذوا بطلب الأمان، وذلك فى عشيّة يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر، والتمسوا الصلح على سلامة أنفسهم وذراريهم ونسائهم وأموالهم ما خلا الغلال والذخائر والسلاح وآلات الحرب، فأجاب السلطان إلى ذلك، ورفع العلم الإسلامىّ عليها فى يوم السبت وأقام عليها إلى يوم الأحد السابع والعشرين من الشهر. ثم رحل عنها ونزل صهيون «١» وقاتلهم أشدّ قتال حتّى أخذ البلد يوم الجمعة ثانى عشر جمادى الآخرة؛ ثم تقدّموا إلى القلعة وصدقوا القتال، فلمّا عاينوا الهلاك طلبوا الأمان فأجابهم إليه بحيث يؤخذ من الرجل عشرة دنانير، ومن المرأة خمسة دنانير، ومن كل صغير ديناران، الذكر والأنثى سواء.

وأقام السلطان صلاح الدين بهذه الجهات حتّى أخذ عدّة قلاع منها بلاطنس «٢» وغيرها من الحصون المتعلّقة بصهيون. ثم رحل عنها وأتى بكاس، وهى قلعة حصينة على العاصى «٣» ولها نهر يخرج من تحتها، وكان النزول عليها فى يوم الثلاثاء