للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناجاة والاستغاثة بالله، ومن قوله فى استغاثة نبوية:

يا رسول الله يا أهل الوفا ... يا عظيم الخلق يا بحر الصّفا

أنت بعد الله نعم المرتجى ... واللّجا يا مجتبى يا مصطفى

يا ختام الرّسل يا خير الورى ... يا سريع الغوث أدرك من هفا

وفى كتاب السقاف مالا يكاد يحصى من أشعار صوفية وزهدية ونبوية، وسنخص أحد من ترجم لهم وهو عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس بكلمة مجملة.

وإذا تركنا حضرموت إلى عمان لاحظنا ما ذكرناه فى غير هذا الموضع من أن الشعر الصوفى لم يشع فى هذه البيئة لغلبة الخوارج عليها، إذ المعقول أن يشيع هناك شعر الزهد والتقشف لا شعر التصوف بفرعيه السنى والفلسفى. ونفس مدينة عمان الإمامية حينا والسنية حينا آخر لم تعن بالشعر الصوفى الخالص. ونجد لشاعر النبهانيين السنيين حكام عمان أحمد ابن سعيد الستالى الذى ترجمنا له بين شعراء المديح ميمية كلها ثناء على الله وعلى آلائه، ويختمها بدعوة حارة إلى الزهد والتقشف. ومن متأخرى الشعراء هناك الحبسى وقد ذكرنا أن له ديوانا افتتحه بقصائد نبوية بعدد حروف الهجاء.

ونتحول إلى البحرين وطبيعى أن تسهم فى شعر الزهد، ومن يرجع إلى كتاب سلافة العصر يجد فيه لشعراء البحرين مناجيات ربانية، ومواعظ مؤثرة، وبعض أشعار صوفية من مثل قول أبى عبد الله محمد بن أبى شبابة البحرانى (١):

لعمرى لقد ضلّ الدليل عن القصد ... وما لاح لى برق يدلّ على نجد

فبتّ بليل لا ينام ومهجة ... تقلّب فى نار من الهمّ والوجد

وقلت عسى أن أهتدى لسبيلها ... بنفحة طيب من عرار ومن رند (٢)

وكم طامع فى حبّهم مات غصّة ... وقد كان يرضى بالمحال من الوعد

ولابن مشرّف الأحسائى الذى ترجمنا له بين شعراء الدعوة الوهابية أشعار فى الدعوة إلى الزهد ورفض متاع الحياة، إذ تضحك وسرعان ما تبكى، وما سرورها إلا أضغاث أحلام، وحرى بالإنسان أن لا يبرح الموت خياله، وأن يظل رافعا له بيديه نصب عينيه، فكل من عليها فان، ولن ينفع المرء إلا ما قدمت يداه. وله مدحة نبوية يشيد فيها بالرسول ورسالته الربانية. وحرى بنا أن نقف الآن عند عبد الرحيم البرعى اليمنى وعبد الرحيم بن مصطفى العيدروس الحضرمى.


(١) سلافة العصر ص ٥١٣. ونفحة الريحانة ٣/ ١٨٩.
(٢) العرار والرند: من أزهار البادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>